جعفر ، سل حاجتك ، فقضى حوائجه وخرج.
قال الشعبي : ومعنى قول عبد الله لمعاوية : إنّ أشرف من حرب من أكفا عليه إناءه وأجاره (١) بردائه ؛ لأن حرب بن أميّة كان إذا كان في سفر وعرضت له ثنية أو عقبة تنحنح فلم يجترئ أحد أن يرباها (٢) حتى يجوز حرب بن أمية ، فكان في سفر فعرضت له ثنية فتنحنح فوقف الناس ليحوز ، فجاء غلام من بني تميم ، فقال : ومن حرب؟ ثم تقدمه ، فنظر إليه حرب فتهدّده ، وقال : سيمكنني الله تعالى منك إذا دخلت مكة ، فضرب الدهر من ضربه ثم إن التميمي بدت له حاجة بمكة ، فسأل عن أعزّ أهل مكة فقيل له : عبد المطّلب بن هاشم ، فقال : أردت دون عبد المطّلب ، فقيل له : الزبير بن عبد المطّلب ، فقدم إلى مكة فأتى باب الزبير بن عبد المطّلب فقرع عليه بابه ، فخرج إليه الزبير فقال : ما أنت؟ إن كنت مستجيرا أجرناك ، وإن كنت طالب قرى قريناك ، فأنشأ التميمي يقول :
لاقيت حربا بالثنية مقبلا |
|
والصبح أبلج ضوؤه للساري |
قف لا تصاعد واكتني ليرو عني |
|
ودعا بدعوة معلن وشعار |
فتركته خلفي وسرت أمامه |
|
وكذاك كنت أكون في الأسفار |
فمضى يهدّدني الوعيد ببلدة |
|
فيها الزّبير كمثل ليث ضاري |
فتركته كالكلب ينبح وحده |
|
وأتيت قوم (٣) مكارم وفخار |
قرما (٤) هزبرا يستجار بقربه |
|
رحب المياه مكرّما للجار |
وحلفت بالبيت العتيق وركنه |
|
وبزمزم والحجر ذي الأستار |
إنّ الزبير لما نعي بمهنّد |
|
عضب المهزّة صارم بتّار |
فقال ابن الزبير : قد أجرتك ، وأنا ابن عبد المطّلب ، فسر أمامي ، فإنّا معشر بني عبد المطّلب إذا أجرنا رجلا لم نتقدمه (٥) ، فمضى بين يديه ، والزبير في أثره ، فلقيه حرب فقال التميمي : وربّ الكعبة ، ثم شدّ عليه ، ثم اخترط سيفه الزبير ونادى في إخوته ، ومضى حرب يشتدّ ، والزبير في أثره حتى صار إلى دار عبد المطّلب ، فلقيه
__________________
(١) عن م وبالأصل : «أجازه» وفي الجليس الصالح : أجاره.
(٢) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : «يربأها» وفي الجليس الصالح : يرقاها.
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي الجليس الصالح : قرم.
(٤) بالأصل وم : «فرما» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٥) عن م والجليس الصالح وبالأصل : يتقدمه.