فيه يوما مكبوبة على وجهها ميتة.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله فيما قرأ عليّ إسناده وناولني إياه وقال : اروه عني ، أنا محمد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا (١) ، نا أبي ، نا أبو أحمد الختّلي (٢) ، أنا أبو حفص ـ يعني النسائي ، حدّثنا محمد بن حيّان (٣) بن صدقة ، عن محمد بن أبي السّري ، عن هشام بن محمد بن السّائب ، قال :
كانت عند يزيد بن عبد الملك بن مروان أم البنين بنت فلان (٤) ، وكان لها من قلبه موضع ، قال : فقدم عليه من ناحية مصر بجوهر له قدر وقيمة (٥) ، قال : فدعا خصيا له فقال : اذهب بهذا إلى أم البنين وقال لها : أتيت به السّاعة ، فبعثت به إليك ، قال : فأتاها الخادم فوجد عندها وضّاح اليمن ، وكان من أجمل العرب ، وأحسنه وجها ، فعشقته أم البنين ، فأدخلته عليها ، فكان يكون عندها ، فإذا أحست بدخول يزيد بن عبد الملك عليها أدخلته في صندوق من صناديقها ، فلما رأت الغلام قد أقبل أدخلته الصندوق فرآه الغلام ، ورأى الصندوق الذي دخل فيه فوضع الجوهر بين يديها وأبلغها رسالة يزيد ثم قال : يا سيدتي هبي لي منه لؤلؤة ، قالت : لا ، ولا كرامة ، فغضب وجاء إلى مولاه فقال : يا أمير المؤمنين إني دخلت عليها وعندها رجل ، فلما رأتني أدخلته صندوقا وهو في الصندوق الذي من صفته كذا وكذا ، وهو الثالث أو الرّابع ، فقال له يزيد : كذبت يا عدو الله ، جئوا في عنقه ، فوجئوا في عنقه ، ونحّوه عنه ، قال : فأمهل قليلا ثم قام فلبس نعله ودخل على أم البنين وهي تمتشط في خزانتها (٦) فجاء حتى جلس على الصّندوق الذي وصف له الخادم ، فقال : يا أم البنين ما أحبّ إليك هذا البيت ، قالت : يا أمير المؤمنين أدخله لحاجتي وفيه خزانتي ، فما أردت من شيء أخذته من قرب ، قال : فما هذه الصناديق التي أراها؟ قالت : حليي (٧) وأثاثي ، قال : فهبي لي منه صندوقا ، قالت :
__________________
(١) الخبر في الجليس الصالح الكافي للمعافى بن زكريا الجريري ١ / ٥٨١ وما بعدها.
(٢) مضطربة بالأصل وم والمثبت عن الجليس الصالح.
(٣) في الجليس الصالح : «حبان».
(٤) كذا بالأصول ، والذي في الأغاني أن هذه القصة كانت مع الوليد بن عبد الملك وليس مع يزيد ، وأن امرأته هي أم البنين ابنة عبد العزيز بن مروان.
(٥) في الجليس الصالح : له قيمة وقدر.
(٦) بالأصل : «في حرانيها» وفي م : «حرانها» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٧) عن الجليس الصالح ، وفي الأصل وم : «حلى» وفي المطبوعة : حلتي.