وعمله (١) لا يكون إلا بحسب المميز وذلك أنك تقول : (كم يوما ضربت؟) وف: (كم) منصوب على الظرفية مع اقتضاء الفعل للمفعول به. والمصدر والمفعول فيه وغير ذلك من المنصوبات.
فتعيينه لأحد المنصوبات إنما هو بحسب المميز فالاستفهامية نحو : (كم رجلا ضربت؟) في المفعول (٢) به ، و (كم ضربة ضربت؟) في المفعول المطلق ، (كم يوما سرت) في المفعول فيه.
والخبرية مثل : (كم غلام ملكت) و (كم ضربة ضربت) و (كم يوم سرت) (٣) وإنما جعلنا (٤) الفعل وشبهه أعم من أن يكون ملفوظا أو مقدرا ليدخل في قاعدة النصب ، مثل : قولك (كم رجلا ضربته؟) إذا جعلته من قبيل الإضمار على شريطة التفسير ، وقد قدرت بعده فعلا غير مشتغل عنه أي : (كم رجلا ضربت (٥) ضربته؟) فهو من حيث إن بعده فعلا مقدرا غير مشتغل عنه داخل في قاعدة النصب وإن لم تجعله من قبيلة ولم تقدر بعده فعلا مشتغل عنه فهو من هذه الحيثية مرفوع داخل في قاعدة الرفع.
(وكل ما قبله) أي : كل واحد من (كم) الاستفهامية والخبرية وقع قبله (حرف جر)
__________________
(١) أشار به إلى دفع ما اعترض به الرضي أن ينتقض بكم يوما ضربت ؛ لأنه ليس منصوبا على حسب اقتضاء فعل أبعده ، فإنه يقتضى منصوبات كثيرة وليس نصبه أل على الظرفية ، فأجاب الشارح بأن اقتضائه بكم يوما ليس إلا بالظرفية. (عصام).
(٢) إذ هي بمنزلة : أعشرين رجلا أو أعشرين ضربة ضربت ، أو أعشرين يوما سرت. (خبيصي).
(٣) لأن كلا من هذه وقع بعدها فعل غير فارغ عن عملها بسبب الاشتغال يعمل ضميرها ، فاقتضى كل من هذه الأفعال بحسب المميز ما اقتضى من المفعول به في الأول ، والمصدر في الثاني ، والظرف في الثالث. (تكملة).
ـ إذ هي بمنزلة : كثيرا من الغلمان ملكت ، وكثيرا من الضرب ضربت ، وكثيرا من الأيام سرت. (خبيصي).
(٤) قوله : (إنما جعلنا الفعل) أشار بذلك إلى دفع الاعتراض ، وهو أن كم رجلا ضربته خارج عن هذه القاعدة مع أنه منصوب معمول على حسبه ، ووجه الدفع أن جعل من قبيل شريطة التفسير بكون الفعل الناصب مقدرة بعده فيكون داخلا فيها وأن لم يجعل عن ذلك القبيل ولم يقدر الفعل بعده يكون مرفوعا داخلا في قاعدة الرفع. (وجيه الدين).
(٥) فيكون الفرق بينه وبين زيدا ضربته أن تقدير الناصب تم قبل المنصوب ، وهاهنا بعده لوجود المانع من تقديمه. (غجدواني).