الآن وراء سلسلة الجبال الواطئة في طريقنا صوب القسم الرئيسي منها ، وهي سلسلة ترتفع ارتفاعا شديد الانحدار وتشكل جروفا يبلغ علوها ما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف قدم ، وتنتهي بأشكال مدببة وحادة. وتتكون هذه الجبال من مواد كثيرة كالميكة والإردواز والفلسبار مما جعلني أصرف وقتا طويلا في معاينة التواءات الميكة الفريدة. وكانت الألوة والأدغال القصيرة والأعشاب العطرية التي ترعى فيها بعض الأغنام هي العلامات الوحيدة التي صادفناها وتدل على حياة النباتات. وفي الساعة الخامسة والنصف توقفنا فوق قمة تل صغير. وبدا واضحا أن كل مخاوف علي إزاء الوهابيين قد أخذت بالازدياد إذ أنه أوقف حارسا محملا ببنادق محشوة للسهر طيلة الليل. وأدركت من خلال بعض الأسئلة العرضية التي وجهتها له بخصوص الموضوع بأن مخاوفه كانت ناجمة عن ظروف الطريق الذي نسلكه حاليا والذي لا يسيطر عليه (سيد سعيد) بل يسيطر عليه خصمه (محمد) (١) في (صحار).
الاثنين ، السابع من مارس / آذار : في تمام الحادية عشرة والنصف استأنفنا رحلتنا على امتداد وادي ثلة (Thilah) واجتزنا مداخل عدد من الوديان الجانبية. وبات طريقنا الآن شديد الالتواء والانحراف مما يصعب وصفه. في الساعة الثانية والنصف ارتقينا أحد التلال وكان ارتفاعه حوالي ثمانمائة قدم ، إلا أنني لم أتمكن من مشاهدة أي شيء من قمته سوى تلال وصخور مجدبة وكئيبة. وبعد اجتيازنا هذا الوادي ، وصلنا أراضى (بنو كلبان) الذين أفرح إقرارهم بسلطة الإمام صديقي سيفا الذي عبّر عند ترجله لأداء الصلاة عن رضاه بأن قدّم لناقته أكثر من نصف تجهيزاته من التمور. واصلنا الرحلة لمسافة ثلاث ساعات على امتداد الوادي الذي يدعى وادي (كلبان) ، وهو اسم السكان الذين يقطنون فيه ، واجتزنا مجموعة كبيرة من أشجار الألوة التي تشبه إلى حد كبير مثيلاتها من الأشجار في الهند أكثر مما تشبهها في (سوقطرة). في الساعة الخامسة والدقيقة الخمسين توقفنا في المنطقة المسماة (مسكن) قرب بعض مناطق القمح المسيّجة التي بدت بمنأى عن دخول قطعان الحيوانات بعد بناء سياج من أغصان شجرة السدر الشائكة. إن مسكن قرية صغيرة ويبدو إنها أخذت
__________________
(*) كذا في الأصل وصوابه (حمود بن عزان).