المسألة قد حسمت ، فإن هناك أمرا ما يظل بحاجة إلى الابتزاز ، إن كمية إضافية من التمور لهم شخصيا ، أو علفا لقطعان ماشيتهم ، هو من أفضل ما كانوا يطالبون به. إنني غالبا ما تأخرت ساعات طويلة في أثناء رحلتي هذه ، بدلا من أن أعطي ربع دولار ، وهو المبلغ المطلوب كما كان (علي) يقول. عند ما كنت في (جعلان) حاولت أن أتبع خطة مغايرة أول الأمر. إلا إنني سئمت الدفع قبل أن أطالب بالمال. الحق أن تجربة أيام قليلة أقنعتني بأن أي تنازل يؤدي إلى المطالبة بمبلغ أكبر من الذي أقدمه. وعلى وجه العموم ، فإن الحمالين من بين البدو كانوا دوما مجموعة من الناس المخادعين والكذابين والجشعين. إلا أنهم على الرغم من ذلك لديهم خصال حميدة ، ومن بين هذه الخصال نفورهم من السرقات التافهة. فأنا لم أفقد أي قطعة مهما كانت عديمة الشأن من بين متاعي ، كما إنني رأيت بأنهم يبحثون عن أي شيء مفقود بقلق أكبر بكثير من قلقي. وفي أثناء توقفنا ، فإنهم كانوا على استعداد دوما لجلب الحطب والماء والقيام بغير ذلك من الواجبات.
ثمة طبقة من الرحالة الذين يقومون برحلاتهم في بلد ما وقد وطدوا العزم على إغماض عيونهم عن كل ما من شأنه ألا ينسجم مع أفكارهم الخاصة بهم. وهم أما يتجاهلون أو لا يذكرون إلا قليلا النقاط غير المستحبة عند شخص ما ، كما إنهم عموما رفاق أكثر مدعاة للسرور من الرجال الذين ينشدون اتجاها معاكسا. إن التقدير الصحيح لسلوك أي شعب لا يمكن معرفته إلا من خلال معرفة تامة برذائل كل ذلك الشعب وفضائله على حد سواء. ومن شأن نتيجة البحث أن تكون الرذائل والفضائل موزعة توزيعا متساويا ، وهو أمر قد لا يظهر أول الأمر. إنني بعد أن نظرت للمسألة بهذا المنظار ، وأدركت إن من غير الحكمة إصدار الأحكام التعميمية ، فقد حاولت دوما أن أدوّن بإخلاص انطباعاتي عن أولئك الذين ألقي بي في وسطهم سواء كان ذلك التدوين يشير إلى صفات جيدة أو رديئة. أنني لم أفكر البتة بأن القارئ من شأنه أن ينظر إلى الحسنات والسيئات عندهم إلا على أساس النظرة التجريدية ، وليس على أساس إعطاء صورة قومية تكون ، حسب الوصف الذي قدمته ، غير منصفة مثلما يكون من غير الإنصاف تقييم السلوك الإنكليزي على أساس سائق مركبته أو عربته.