العاشر من مارس / آذار : في الساعة الثانية عشرة والدقيقة الثلاثين رحلنا عن (مسكن) باتجاه (مقنيات) وفي الساعة الخامسة توقفنا قرب القلعة حيث يقطن الشيخ وزيرWasser (١) زعيم قبيلة (بني كلبان). وفي غضون دقائق قليلة ، جاء الشيخ لاستقبالنا على الرغم من أنه بدا يشكو من التهاب في العينين. وعند ما قدمت له رسائل (السيد سعيد) ، التي كانت مكتوبة بلهجة شديدة ، وتتضمن طلبا عاجلا بأن يسهّل لنا المرور ، بدا عليه الاضطراب الشديد وقال : «في كل يوم تقريبا ثمة أفراد يسافرون وحدهم إلى (عبري) ويتعرضون لسرقة ملابسهم الرثة التي يسترون بها ظهورهم ، ورغم ذلك يطلب مني أن أقودك بأمان في حين أن اسم الإنكليزي وحده يكفي لاجتذاب العديد من قطاع الطرق». وأخبرته بأنني أدرك المخاطرات التي قد تواجهني في رحلتي قبل أن أبدأ بها بزمن طويل وعلى هذا الأساس ، فإنني سأسعى إلى تحمّل أي أذى عن طيب خاطر. كنت بكلامي هذا صادقا كل الصدق ، حيث أننا لم نجلب معنا أي شيء باهظ الثمن.
أمضينا هذا المساء ومعظم اليوم التالي ونحن نفاوض الشيخ ، ولما وجد أنه ليس في وسعه الحيلولة دون استمرار الرحلة ، وافق على أن يزودنا في الصباح بأفضل الحراس وأكثرهم عددا مما قد تسمح به الظروف عنده.
على الرغم من أن (مقنيات) كانت مدينة كبيرة ، إلا أن شأنها تضاءل حتى باتت غير مهمة منذ الصدمة التي تلقتها إثر غارة الوهابيين عليها سنة ١٨٠٠. فقد استولى الوهابيون على القلعة واحرقوا المنازل ودمروا العدد الأكبر من الأشجار. استطعت أن أحدد موقع (مقنيات) من خلال ملاحظة وقت الظهيرة وتحولات النجوم بأنها تقع على خط عرض ٢٣ درجة و ٢١ دقيقة و ٢٥ ثانية شمالا. وقد دهشت هنا ، مثلما دهشت في العديد من الأماكن الأخرى من عمان ، للعناية القليلة التي يبذلها السكان في دفن موتاهم. فبعد أن يتم غسل الميت ، يلف بقطعة قماش ويدفن بمراسيم غاية في البساطة. ولا يزيد عمق القبر عن ثلاثة أقدام ، وبعد الدفن ، توضع صخرة فجة ، بلا أي كتابة ، عند رأسه ، وأخرى عند قدميه.
__________________
(*) كذا قلت لعله تصحيف وصوابه (ناصر).