الشيخ أما يفتقر إلى التأثير أو أنه كان خائفا من ممارسته ومن الواضح أن أتباعه كانوا يرغبون في الإسهام في السلب والنهب. لقد آن الأوان للقيام بعمل ما.
ناديت على (علي) وطلبت منه ألا يقوم بأي ضوضاء ولا أي فوضى وأن يجمع الإبل دون تأخير. في هذه الأثناء كنا قد قوّضنا الخيمة بينما كان الحشد يزداد عددا كل دقيقة. كانت الإبل على استعداد فما كان منا إلا أن اعتلينا ظهورها. كان حادي الإبل يريد الآن تقديم مسوغ لهم كي ننطلق ، فلحقوا بنا وهم يحدثون مختلف الأصوات ، لكننا تمكنا أخيرا من الاندفاع إلى الأمام بينما ظلوا هم يرموننا ببعض الحجارة. وصلنا ضواحي البلدة دون حدوث أي إزعاج. لقد كنت أسمع دوما عن السلوك غير اللائق لسكان هذه المنطقة. وكان العرب الذين يعيشون على مقربة من المكان يقولون بأن المرء إذا أراد الدخول إلى (عبري) فإن عليه أن يكون مدججا بالسلاح أو أن يكون شحاذا يرتدي وزرة تلف وسطه ، ومصنوعة من نوعية غير جيدة. وهكذا ، تنتهي للمرة الثانية آمالنا في الوصول إلى (الدرعية) من هذا المكان. إلا أنني على الرغم من ذلك لم أشعر باليأس ، بل عقدت العزم على التقدم إلى الأمام صوب (السيب) وحط الرحال فيها والسعي من ميناء (شناص) إلى التوجه إلى (البريمي). كانت لدي رسائل موجهة إلى زعيم الوهابيين ، ولو كان في مستطاعي الوصول إليه لما بات لدي شك في مواصلة رحلتي بأمان إلى المدينة الأولى.
تعد (عبري) واحدة من أشد المدن ازدحاما بالسكان في عمان. القليل من سكانها ، ممن ينتمون إلى قبيلة (Yaknah) ، يمارسون الأعمال التجارية بمختلف أنواعها ، ويقتصرون في مقايضتهم على ضروريات الحياة ويعيشون على ما تنتجه بساتين النخيل وحقول الذرة التي يملكونها. أن الأعمال الزراعية في أجزاء أخرى من العالم تتصف بأنها تضفي طبيعة إنسانية على سلوك الناس وتلين عريكتهم. أما في هذه الأماكن ، فإنها لا تحدث مثل هذا الأثر ، حيث أن المزارع يسعى من خلال التظاهر بالعنف بقمع أو كبت كل المشاعر الرقيقة. أنني أتخيل أنهم اضطروا إلى ذلك بسبب رغبة ـ عند اجتماعهم بجيرانهم من البدو ـ في التعويض عن النظرة الدونية التي ينظر بها أولئك الجيران إلى كل من يمتهن مهنة أقل مدعاة للهدوء والسلامة من مهنتهم.