مسيحية مائتي ألف باون لقاء مثل هذا التخلي عن تجارة العبيد ، كما أننا ألغينا بضعة ملايين من ديونها. وإنني أؤمل أننا قد قدمنا للأمير المسلم شكرنا في الأقل ، على الرغم من أنني لم أسمع به البتة ، الأمير المسلم الذي يعتنق ديانة تجيز الرق علانية إن لم تكن تأمر به فعليا (١). إننا لا ينبغي لنا أن ندع إنكلترا يضاهيها في الكرم حاكم بقعة نائية من جزيرة العرب ، إنكلترا التي وقفت حتى الآن في الطليعة في قضية يمكن أن يقال بأنها رفعت دون الآخرين من قدر العصر الذي نعيش فيه ووسمته بكتابة هي من جوهر المسيحية (٢).
وسمعت أن قرابة أربعة آلاف من العبيد من كلا الجنسين ومن مختلف الأعمار يتم بيعهم سنويا في (مسقط). ويمكن تقسيم هؤلاء العبيد إلى ثلاث فئات : الفئة الأولى ويطلق عليها (Towaylee) ومصدرها ساحل زنجبار ويعرف عبيد هذه الفئة من أسنانهم التي يبردونها حتى لتصبح مدببة في بعض الأحيان أو تكون كالمنشار. وتوجد أيضا في وجناتهم حزوز عمودية يصنعونها بسكين جيب عند ما يكون أحدهم طفلا في السن الخامسة أو السادسة. والندب التي يحملونها تدل على القبيلة التي ينتمون إليها. ويبلغ سعر العبد من هذه الفئة ما بين أربعين إلى ستين دولار. والفئة الثانية يطلق عليها (Nabi) (٣) وهؤلاء العبيد يؤتى بهم من أعماق أفريقيا ويقال أنهم محبون للانتقام وغدّارون. والبدو في هذه المنطقة ، كما في الحجاز ، هم المشترون الوحيدون. أما الفئة الثالثة المسماة بعبيد (الجالا) فيؤتى بهم من الحبشة ويكون ثمنهم كبيرا ، ويتراوح بين مائة إلى مائة وخمسين دولار. ويكون سعر الإناث مقاربا لسعر الذكور. كما أن قوة الذكور وتمتعهم بالصحة والمزاج الرائق تعد زينة تقابلهم زينة الإناث وجمالهن. كما يأتون بالمخصيّين من (دارفور) ويبلغ سعر الواحد ما بين مائتي إلى ثلاثمائة دولار ، وغالبا ما يشتريهم الفرس. ومما يبعث على قدر من الراحة أن نعلم بأنه في نفس الوقت الذي نصبح فيه مدركين لمدى انتشار تجارة العبيد في هذه الأقطار ، فإن هؤلاء العبيد يلقون معاملة طيبة جدا. ففي الجزيرة العربية ، لا يوجد سوى فارق ضئيل بين العبودية والاسترقاق ، إذ قلما يعد هذا الفارق مهما
__________________
(*) هكذا يبدي المؤلف جهله بموقف الإسلام من الرق.
(**) يفصح المؤلف هنا عن شخصيته كمسيحي متعصب.
(***) كذا في الأصل ولعل صوابه (النوبه) من كردفان.