القبائل المحيطة بهم نظرا لما كانوا يعرفون به من عنف وأعمال نهب. وكانت بعض الجماعات الصغيرة المارة بهذه البقاع تنقطع بها السبل غالبا ، لذلك حذرنا أدلاؤنا بأن تبقى عيوننا مفتوحة. ولكن بعد أن فرشنا عباءاتنا البحرية الكبيرة على الرمل ، لم نقلق كثيرا لأي مخاوف من هذا النوع ونمنا نوما هانئا حتى صباح اليوم التالي.
يملك بدو (بني ذييب) مساحة واسعة من البلاد وأعدادهم غفيرة وقوتهم شديدة. وهم يختلفون من الناحية السياسية عن أي قبيلة أخرى أعرفها في شبه الجزيرة العربية معرفة شخصية أو عن طريق الرواة. وعوضا عن اختيار شيخ أو سلطان ليمثلهم ، تراهم ينقسمون إلى سبعة أقسام يحكم كل قسم أحد الزعماء ويدعى (أبو) ويمارس ما يسمونه سلطة أبوية عليهم. ويجتمع هؤلاء الزعماء لمناقشة جميع القضايا المتعلقة بمصلحة القبيلة العامة وتنفذ قراراتهم بأغلبية الأصوات. وفي بعض الحالات يكون هذا المنصب وراثيا ، إلا أنه على وجه العموم يشغله أفراد تؤهلهم له حكمتهم وتجربتهم وشجاعتهم. وهناك بعض الممارسات الغريبة لا تزال قائمة بين بني ذييب تخص عمليات النهب التي تجري فوق أراضي بعضهم بعضا. ويكون ال (أبو) مسؤولا عن كل السرقات التي تحدث ضمن منطقته ، ويقوم بتعويض الطرف الخاسر إذا كان الجاني غير قادر على التعويض. أما إذا كان اللص يملك ملكا ، فإن ال (أبو) يطالب بالثلث لنفسه إضافة إلى قيمة الشيء المسروق كعقاب إضافي والتعويض عن الخسائر الكثيرة التي يتكبدها خلاف ذلك. ولدى أبناء هذه القبيلة عدد قليل من الرماح ولا يملكون أي سيوف. وسلاحهم هو الخنجر والبندقية والدرع. والشيء الآخر الذي يميزهم عن القبائل المجاورة هو قلة الملابس التي يلبسونها إضافة إلى خفة الإناث وتقلبهن.
الخميس ، الثلاثون من إبريل / نيسان : أيقظنا البدو في ساعة مبكرة وبعد شرب القهوة التي قاموا بإعدادها ، نفضنا الرمال التي أوشكت أن تدفننا في الليل عن ثيابنا ، وفي الساعة الخامسة فجرا واصلنا ببطء سيرنا.
__________________
في مواطنها الأصلية وأن القبائل لا تهاجر عن بكرة أبيها من مواطنها الأصلية مطلقا ومعلوم أن حمير ظهرت عام ١١٥ ق. م. وبالتالي مهما أقدم منها بقرون. وهذه الحالة قلّ أن تجد لها في عالم اليوم عند الشعوب الأخرى نظيرا فدلني اليوم على قبيلتين لازالتا تقيمان في مواطنيهما الأصلي طوال (٢٧٠٠) ألفين وسبعمائة عام تقريبا.