بأن ترشدنا إلى منزلها. فلحقنا بها مسرورين. ولكن بعد أن سرنا بعيدا عن الطريق لم نصل إلا عند حلول منتصف الليل.
وجدنا مرشدينا جالسين في أحد البيوت يدخنون ويشربون القهوة. وعلى الرغم من أن ذلك أثار حفيظتي كثيرا ، إلا أنني كنت أدرك أن لا فائدة من الاحتجاج. لذلك أخفيت همي وكدري وتقدمت لتأمين مأوى لقضاء الليل. لكن جماعة كبيرة كانت قد وصلت قبلنا واحتلت كل بقعة في المنزل وانهمكت في التدخين وشرب القهوة.
بدا لي أننا وصلنا إلى ما يشبه الخان. ويوجد مثل هذا الخان عادة في مدن اليمن كما في أجزاء أخرى من بلدان الشرق. لهذا طلبنا من السيدة العجوز ـ التي لم تقل عطفا عند ما عرفت بأننا مسيحيون ـ بأن تبعد الإبل عن الفناء حيث نمنا عميقا حتى الساعة الثالثة فجرا ـ بعد وجبة لذيذة من الحليب والتمر ـ إذ استيقظنا على صوت المرشدين وهم يبحثون وسط حاجياتنا عن القهوة. ربما كان يتعين علي في أي وقت آخر أن أكون مسرورا وأنا أشهد السلوك الذي يفتقر إلى الكياسة عند ما أقدموا على خدمة أنفسهم بأنفسهم ، علاوة على عدم الاكتراث الذي أبدوه في وضع الأسرجة أو السلال أو كل ما يقع تحت أيديهم فوقنا. لكن الرجال ليسوا في أفضل حال من المرح كي يستمتعوا بمزحة واقعية عند ما يستغلون فترة قصيرة من الراحة بعد تعب نهار. لهذا السبب وبنفس القدر القليل من الكياسة التي أظهروها لنا ، رفضت السماح لهم بأخذ ما كانوا يفتشون عنه. وكما توقعنا فقد حنقوا حنقا شديدا لذلك ، إلا أن سلوكهم ما كان ليزداد سواء عن ذي قبل إلا إذا لجأوا إلى العنف. وهنا لم اهتم إلا قليلا لمثل هذا الحنق.
الجمعة ، الأول من مايو / أيار : على الرغم من أن الظلمة كانت شديدة عند وصولنا إلى هذا المكان ليلة أمس ، وأننا بسبب طبيعة الأرض التي مررنا بها لم نستطع إلا أن نلاحظ كثرة النباتات فيها ، إلا أننا لم نكن مستعدين تماما للمشهد الذي انفتح أمام أنظارنا في وضح هذا الصباح. كانت الخضرة الداكنة لحقول الذرة والتبغ تمتد إلى أبعد نقطة يمكن أن تراها العين. وكانت تمتزج مع هذه الخضرة أشجار الصمغ والنخيل ، إضافة إلى أصوات النواعير العديدة التي تروى الأرض بواسطتها ، وهناك عدد من المحاريث التي تجرها الثيران. لقد