بالحصن. وبعد أن اجتاز جنودنا بني بو حسن وتقدموا سريعا للالتفاف من حول أحد التلال ، وكان الجزء الأعظم منهم يسير بخط مواز للأشجار ، اندفعت القبيلة كلها على حين غرة من مخبئها وتعالى صراخ أفرادها الذين رموا بأنفسهم على القوة البريطانية. وقبل أن تتمكن القوة من تشكيل نفسها أو قبل صدور الأوامر ، كان البدو قد أصبحوا في وسطهم ولم يتمكن السباهيون من استخدام حرابهم إذ سرعان ما بدأت سيوف أعدائهم الطويلة تحز رقابهم. وساد الهرج والمرج ، ولم يبق هؤلاء على حياة أحد ، حتى أن أحد الضباط قدّم سيفه رمزا للاستسلام ، لكن رمحا اخترق ظهره في نفس اللحظة ، كما أنهم سحبوا الطبيب الجراح الذي كان مريضا من محفته وسرعان ما مزقوه إربا. واضطرت القوة البريطانية إلى الانسحاب بعد أن تركت وراءها ثلثي أفرادها وقد لقوا مصرعهم فوق الحقل. وبعد مسيرة ثمانية أيام لم يحدث فيها شيء ، نجح النقيب (تومسون) في الوصول إلى (مسقط) (١) برفقة ضابطين وحوالي مائة وخمسين رجل هم كل من بقي على قيد الحياة.
سرعان ما وصلت أنباء هذه المجزرة إلى بومباي فتشكلت قوة من ثلاثة آلاف رجل بقيادة (سير ليونيل سمث) وألقت رحالها في (عمان) (٢) إلا أن البدو الذين لم تكسر عزيمتهم الأعداد الكبيرة خططوا لهجوم ليلي بالاتفاق والتشاور مع بني جنبه. ولو نجح ذلك الهجوم لأصبح وضع القوة البريطانية في مأزق. عسكر القائد ورفاقه على بعد مسافة من الجيش واقترح البدو القضاء على القوة بأكملها. ولكن لم تكن الفئة الأخيرة في المكان المتفق عليه في الزمان المحدد أما بسبب خطأ أو خيانة مما جعل الطرف الأول يتقدم وحيدا. ولدى وصولهم إلى معسكر القائد قطعوا أوتار مربض عدد من الخيول وقاموا بأعمال تدمير أخرى إضافة إلى قتل بعض الرجال. ومن ثم لاذوا بالفرار دون أن يتكبدوا خسارة رجل واحد منهم.
__________________
(١) رافق الإمام وبقية أفراد جيشه جنودنا خلال مسيرتهم ، وأنه لمن غير الأنصاف لشخصية هذا الأمير النبيل والشجاع أن أهمل ذكر بسالته النادرة في الثبات في موقعه حتى عند ما جرح ، وقراره بالانسحاب إلى مكان لا يبعد كثيرا عن (بني بو حسن) عند ما خذله القسم الكبر من جيشه.
(٢) في يناير / كانون الثاني ١٨٢١.