هؤلاء الناس ، وبات معروفا أن عضوا من أعضاء الحكومة رفيع المستوى يضمر حقا مثل هذه العاطفة ، فإن المسألة برمتها غدت تناسب ذوق البدوي فلم أسمع في هذا المكان ولا في غيره سوى كيل المديح للإنكليز. وقالت السيدتان : «لقد قاتلنا ، ومن جانبكم قمتم بتعويضنا كليا عن أولئك الذين لقوا مصرعهم ، ولهذا ينبغي لنا أن نصبح أصدقاء الآن». إلا أنهما لم تغفرا البتة للسيد سعيد.
بدأ إعداد وجبة طعام مؤلفة من لحم الإبل ، وأحد الخراف ، وأطباق كبيرة من الأرز. وسرعان ما قدم الطعام فانسحبت السيدتان تاركتين (سلطان) بمفرده معي لتناول الطعام. ولدى رجوعي إلى الخيمة ، وجدت هناك القبيلة كلها ، بني بو علي ، وقوامها مائتي وخمسين رجلا ، تجمعوا لأداء رقصة الحرب. كانوا قد شكلوا حلقة ودخل فيها خمسة أو ستة رجال منهم. وبعد أن ساروا قليلا على مهل ، تحدى كل واحد منهم الواقفين بأن مسّه مسا خفيفا بسيفه. وسرعان ما يتقدم الخصم وتبدأ معركة وهمية. ولم يصب الاثنان إلا بجرحين ، الأول في الرأس والثاني في الساق. ولا يتفادى الخصمان الضربات بالسيف أو الدرع بل بالقفز أو التراجع إلى وراء. يبلغ طول نصل السيف ثلاثة أقدام ، وهو سيف مستقيم ورفيع ذو حافتين مزدوجتين وحاد كالموسى. وعند ما يحملون السيف منتصبا أمامهم ، فإن حركة مدهشة من رسغهم تجعله يهتز على نحو مثير له أبلغ الأثر عند ما يكونون مجتمعين بأعداد كبيرة. ويرتبط الدرع بالسيف بوساطة سير جلدي ، ويبلغ قطره حوالي أربع عشرة بوصة وفائدته تفادي ضربة الرمح. وكان من مكملات اللهو إطلاق النار من البنادق صوب ساقي أحد المتفرجين الذي يبدو مهتما بمشاهدة اللعبة فلا ينتبه لاقترابهم ، وإذا ما بدرت من هذا الشخص أي إشارة تدل على خوفه دون أن يدري يزداد فرحهم. وكانت موسيقاهم الوحيدة تتكون من طبل صغير يضرب عليه أحد العبيد.
وبعد ممارسة مهارتهم في إطلاق النار صوب أحد الأهداف يبدأون بالتفرق. ومع حلول المساء ، يبدأ عدد كبير من أفراد قبيلة (جنبه) بالتوافد ، وتبدأ ناقتان من عندهم بالسباق مع ناقتين من (بني بو علي). ولما لم أكن قد شاهدت من قبل في حياتي سباقا للإبل ، فقد شعرت بسعادة كبيرة وأنا أشاهد ذلك. كانوا يمتطون الإبل ويمسكون باللجام إلا أن الحيوانات لم