الأحد ، السابع من ديسمبر / كانون الأول : مع اقتراب الليل من منتصفه بدأت الأمطار تهطل بغزارة واستمرت دون انقطاع حتى الفجر. كان الجو شديد البرودة ، قارصا ، ولما لم نتمكن من الحصول على أي مأوى ، فقد تبللنا كليا. فرح البدو بذلك فرحا لا حد له لأنهم باتوا واثقين الآن بأن الكلأ سيتوفر لبعض الوقت. وفي ضوء النهار بدأنا نقفز ونتسابق لتخليص أطرافنا من خدرها حتى تذكرت لعبة قفز الضفدع الإنكليزية. كان هذا التحول كبيرا بالنسبة للبدو ، حتى أعلن عن إحضار طعام الفطور المؤلف من التمر والحليب. وبعد الفطور جمعنا حوائجنا وواصلنا رحلتنا. وفي الساعة الثامنة صباحا ، واصلنا سيرنا صوب الغرب والجنوب الغربي وسط هضاب رملية كما فعلنا يوم أمس. وفي الساعة الرابعة عصرا وصلنا إلى مخيم صغير تقيم فيه زوجتا الشيخ. وبعد وقت قصير أرسلت السيدتان في طلبي ووجدتهما في كوخ صغير قمعي الشكل مشيد بالأعمدة ومسدود من الأقسام العليا بحبال جلدية ومغطى بالجلود. كان الكوخ صغيرا جدا بحيث يكفي لملء مساحته وجود شخصين يستلقيان على أرضيته ، كانت السيدتان تجلسان فوق سجادة قديمة جدا قرب نار دافئة وطلبتا مني الجلوس بينهما. كانتا غير مبرقعتين وسرعان ما انطلقتا في الحديث بحرية معي. وبعد أن أجبت عن مائة سؤال عن الإنكليز وعن بلادها ، قدمت القهوة والحليب. قدموا الحليب في طاس صنع من غلاف ثمرة جوز الهند. وكان هذا الغلاف محبوكا حبكا لا يسمح بتسرب الحليب منه. لم يكن هناك أي أثاث في الكوخ سوى بعض الجلود لحفظ التمور أو قرب الماء ، علاوة على إبريق فخاري لإعداد القهوة ووعاءين أو ثلاثة أوعية نحاسية للرز وبعض الحصران الممزقة والجلود التي ينامون عليها. ثمة كومة من سمك مملح في أحد أركان الكوخ. وبعد أن قدمت لهما بعض الهدايا التي فرحتا بها فرحا شديدا استأذنت بالانصراف وخرجت مع الشيخ بحثا عن أنواع من النباتات وقد وجدتها تنتشر بكثرة. لاحظت هنا وفي أجزاء أخرى من جزيرة العرب أن الأشجار الظليلة تكون التربة تحتها مباشرة وأنها تكون رطبة حتى في أشد الأجواء جفافا مما يجعل القطعان ترعى فيها بنهم. وربما كان مرد هذا بعض الصفات الغريبة التي تتمتع بها أوراقها وتتمثل في خزن قطرات الندى المتساقط التي تكون في الصحراء أكثر منها في أي مكان آخر ، لأنني لاحظت