أيام عن الحاجز ، وكانت غنية بالماء والكلأ. كان هدفهم البقاء حتى رحيل المجموعة المعادية وبقاء الطريق مفتوحة لعودتهم. لكن هبت في اليوم الثاني ريح صرصر من الجهة الغربية أزالت معها كل أثر من آثار الطريق وامتلأ الهواء بالغبار امتلاء عجزوا معه عن رؤية الأشياء التي تبعد عنهم أكثر من بضع ياردات. وفي حالة الطوارئ ، هذه التفوا جميعا من حول شجرة ، ولم يكن لديهم أي خيار آخر سوى الاحتماء بها حتى تتغير الظروف نحو الأحسن. إلا أن الريح استمرت دون هوادة ثلاثة أيام. وفي اليوم الثالث من مغادرتهم الحاجز ، وكان ماؤهم القليل قد نفد منذ اليوم الأول ، ذبحوا الجملين اللذين كان في وسعهما الاستغناء عنهما ، إلا أن كمية الماء التي حصلوا عليها سرعان ما نفدت وسط العديدين منهم. وفي صبيحة اليوم الخامس ، توفيت اثنتان من النساء ورجل شاب هو شقيق (حمد). وفي اليوم السادس وصلوا إلى الآبار. وهنا يمكن تخيل الرعب الشديد الذي استبد بهم عند ما وجدوا أن الآبار مليئة حتى السطح بالرمال (١). وقال حمد : «إننا لا نعلم بوجود أي آبار أخرى لا تبعد عنا سوى مسيرة ثلاثة أيام ، لكن بما أننا في حالة ضعف شديدة ، فإنه لا يسعنا سوى أن نستلقي ونموت. إنني لا أتذكر أي شيء ، بعد تلك الليلة حتى وجدت نفسي وقد حملت فوق ظهر أحد الإبل ووالدي إلى جواري يقودها. وعرفت منه أن أمرنا أكتشف في صباح اليوم التالي من جماعة أخرى من قبيلتنا فرغت توا من ملء قربها من بئر لا يبعد أكثر من نصف ميل عنا وإننا في طريقنا ، برفقتهم ، إلى قريتنا الصغيرة».
__________________
(١) الماء وفير في عمان حتى أننا لم نضطر إلى حمله معنا إلا نادرا. وعند ما كنا نحمله معنا ، فإنه كان يوضع في أكياس جلد تسمى القرب ، وكانت جلود الأغنام والماعز التي نذبحها في أثناء رحلتنا يحتفظ بها لهذا الغرض. وتستخدم جلود الحملان للحليب والأكبر منها للخمرة أو الماء ، وتتم دباغة هذه الجلود بلحاء الشجر. وعلى العموم تترك الأجزاء التي تحتوي على الشعر دون تنظيف. وتتم خياطة الثقوب الخاصة بالساقين في حين يتم استخراج السوائل عن طريق فتحة في العنق ومن ثم يتم غلقها بخيط جلدي. وتعلق بالإبل ، وإذا ما شعر البدوي بالظمأ فإنه يشرب منها وهي معلقة. وفائدتها أكثر من فائدة الجرار لأنه إذا ما اصطدم الجمل بإحدى الأشجار أو بغيره من الحيوانات في القافلة فإنها لا تنكسر ، وبسبب التبخر المستمر ، يبقى الماء باردا تماما. ولكن عند ما تكون هذه القرب جديدة لا تبذل جهود كبيرة في تنظيفها ، لهذا تظل محتوياتها ذات طعم ورائحة غير مستساغين. كما يبدو الماء بداخلها يشوبه الزيت لأن العرب تدهن الجوانب الداخلية من القرب بالزيت للحيلولة دون نفاذ الماء. كم هي ثابتة عادات أهل الشرق! فهذه هي القرب التي طالما أشارت إليها قصص الكتاب المقدس وفي كتاب Antiquities of) (Herculaneum ، الجزء السابع ، ص ١٩٧ ، ثمة لوحة تصور فتاة تسكب الخمرة في وعاء من الجلد يشبه إلى حد كبير ما أتيت على وصفه هنا.