المعاملة الطيبة التي يمكن أن أتوقعها من استفساراتهم وقد تصورت ، من خلال الاعتقاد البسيط جدا بقصص العرب المبالغ فيها ، سلسلة من التلال المخضوضرة التي تغطيها النباتات وتزينها غابات الأشجار الباسقة ويسكنها قوم بسطاء يثيرون الاهتمام تشكل عاداتهم وظروفهم واستعمالاتهم ميدانا مناسبا للبحث. وأمام القارئ أضع نتائج مثل هذه التوقعات.
النساء يتجولن بلا خمار وحيثما التقيناهن ، كن يؤدين أعمالهن في رعاية الكروم أو يقمن بأعمال أخرى ذات صلة بالزراعة أو يحملن الماء فوق رؤوسهن بعد أن يأتين به من الينابيع في أواني تشبه تلك المستعملة في الهند. كما أن المشي المستمر في الهواء الطلق منح مشيتهن مرونة وحرية كما منحت بشرتهن صفاء وحمرة لم نصادف مثلها عند الإناث في المناطق السفلى. لقد جعلت هذه الصفات ، علاوة على صفة المرح والقوام الممشوق الفارع ذي التقاطيع الجميلة ، جعلت منهن موضوعا مثيرا للانتباه أكثر من أزواجهن الشرفاء. لقد ندمت أكثر من مرة ـ عند ما كنت أتجاذب أطراف الحديث معهن ـ بأن القدر لم يمنحهن مصيرا أقل خشونة من هذا على الرغم من جمال وجوههن وقوامهن. ومع هذا فإنهن يشتركن مع غيرهن ـ لأسباب محلية وغيرها ـ في وجودهن في أسفل سلم الظروف الاجتماعية ، فيبدو عليهن الرضا لما آلت إليه أمورهن وربما نشك في إمكانية أن يزيد أي تغيير من مقدار سعادتهن العامة.
الخميس ، الحادي والثلاثون من ديسمبر / كانون الأول : بات من الضروري لنا الآن العودة إلى نزوى إذ كنت أتوقع رسائل تخص مواصلة رحلتي ، إلا أن عقبة غير متوقعة برزت أمامي فأثارت انزعاجي كثيرا. فقد شكا الناس الذين أتينا بهم من (تنوف) من شدة البرد وكانوا يرغبون في العودة بعد وصولنا (شيرازي) مباشرة ، وقد أيدهم وشجعهم في هذا المسعى دليلنا العربي. وفي يوم أمس باتوا أكثر إلحاحا على نحو غير مألوف ، لكنهم ، بعد أن رأوا لا مبالاتي ، انتهزوا فرصة غيابنا عن البيت واخرجوا كل محتويات الحقائب التي وضعنا فيها ما لدينا من متاع وكسروا بعض الحاجيات ورحلوا. أصبحنا بهذا لا نملك ، ونحن في طريق عودتنا ، أي وسيلة للخروج ولما كنا ندرك مدى ولع القرويين بالمشاجرة ، فإنني رغبت في