بعد أن شاهدت جماعتنا وقد امتطى أفرادها الحمير ، لم أستطع منع نفسي من الاستفسار من الشيخ عن السبب الذي يحول بينه وبين تطبيق إجراءات فعالة ضد جماعات اللصوص الذين يكثرون في المنطقة. قال ابن عريش : Arish «إن جمالنا ، كما ترى ، حيوانات لطيفة جدا ، ولا املك سببا يجعلني أرتاب في شجاعة رجالي. لكن اللصوص يقتربون جماعات جماعات تتألف كل واحدة منها من ثلاثين أو أربعين شخص ، ويأتون بالعديد من الجمال التي توضع فوقها السلع المسروقة قبل أن تكون هناك فرصة لإعداد قوة لمقاومتهم ، ومن ثم يهربون إلى الصحراء. ولما كنا لا نعرف الأماكن التي يرتادونها ، فإننا لا نستطيع اللحاق بهم. علاوة على ذلك ، كلما حاولنا مطاردتهم ، وجدنا أن ابلنا لا تستطيع مجاراتهم في العدو. ولو كان لدي مجموعة من ثلاثين جوادا ، فإنني سأحارب ستة أشهر ليتمان المرور الآمن للذهب خلال أي جزء من أجزاء الأراضي المجاورة».
خلال رحلتي في هذه البلاد ، بغرض التعرف على سلوك البدو وحياتهم الداخلية ، فقد اختلطت بكثرة معهم ، وطالما نمت وعشت في أكواخهم وخيامهم. وفي جميع المناسبات ، استقبلوني استقبالا وديا ، وأحسنوا ضيافتي في جميع الأحوال بما هو فوق طاقتهم. وقد أثبتت صفتي كطبيب فائدة كبيرة لي على الرغم من أنني لا بد من أن أعترف بأنني كنت كثيرا ما أتعرض للإحراج في حالات لا تستوجب ذلك أو لا طائل من ورائها. وللعرب أفكار فريدة تخص الدواء ـ الدواء بالمعنى العام الشامل ـ طالما أنهم لا ينظرون إلى أي نتائج محدودة من استخدام دواء ما ، بل يلتهمون بشراهة كل ما يعطى لهم من أدوية. ففي صباح يوم من الأيام رميت خارج الباب بعض الحافظات المتضررة التي تحتوي على حبوب الحديد والراوند. لكن العرب الذين شاهدوني وأنا أتناول هذه الحبوب من داخل الصندوق الذي أحمله دوما معي لأرميها خارجا ، كانت لديهم فكرة أخرى ؛ وبعد أن تدافعوا إلى المكان وانضمت إليهم بعض الفتيات ، جمعوا الحبوب وشرعوا بالتهامها. لقد كان لدي دوما مرضى من غير البشر كالجياد والإبل والحمير وفي بعض الأحيان القطط. إن من الأخطاء التي كان يرتكبها الأوربيون هي عدم القيام بمهمة التطبيب للحيوانات ، لأن العربي لن يفهم السبب الذي يجعلك تقدم العلاج لعبد من العبيد يمكن تعويض خسارته