رويدا تحسنت أحوالي على الرغم من أنني كنت ضعيفا وواهنا جدا.
في اليوم العشرين ، انضم إليّ الملازم (وايتلوك) الذي لم يكن حظه بأسعد من حظنا. فقد كان يعاني بدوره من الحمى التي ألمت به في (مسقط) فتركته في منتهى الضعف حتى لم يعد يقوى على السير أو الوقوف على قدميه دون مساعدة. وكان قد جمع مبلغا ضروريا من المال وعقد اتفاقا مع أحد الشيوخ ، بحضور الإمام ، يقضي بتزويدنا ، لدى وصولنا إلى (البريمي) ، بمائة من أتباعه يصحبوننا إلى (الأحساء) ومن هناك إلى (الدرعية). ولكن في الوقت الراهن كان من الضروري التخلي عن كل خططنا. فمواصلة الرحلة ونحن بهذا الوضع الصحي مستحيل. كما أن البقاء في نزوى يعني القضاء على الفرصة الوحيدة في شفاء بقية المرضى الذين بدأت صحتهم تتدهور تدهورا سريعا. وهنا تخليت عن كل رؤياي العظيمة وعزمت ، رغم وخز الضمير القاسي ، على مواصلة التقدم والسفر على الفور إلى (السيب) الواقعة على ساحل البحر حيث كنت أظن أن الجميع سيستعيدون عافيتهم نظرا لظروفها الصحية الجيدة.
في الثاني والعشرين من يناير ، غادرنا (نزوى) بصحبة الشيخ وحوالي خمسين رجل من أتباعه في ظروف تختلف إلى حد ما عن الظروف التي صاحبتنا عند دخولنا أول مرة. فقد كنا في تلك المرة في تمام الصحة والعافية ، وكنا نبتهج بفكرة زيارة أماكن مجهولة. أما الآن ، وبعد أن هدّنا المرض وأنهك كاهلنا ، بات مظهر رفاقنا ووضعهم لا يدعو إلى الحسد. فقد أخذ أحد الخدم يسقط من على ظهر حماره باستمرار واضطر البدو في نهاية المطاف إلى وضعه فوق ظهر أحد الجمال.
بعد أربع ساعات وصلنا (بركة الموز) التي سبق أن لاحظت بأنها تتميز بمناخ حسن. وهنا وجدت استحالة مواصلة الرحلة بسبب حالة الجماعة ، لهذا نصبت الخيمة وقررت المكوث بضعة أيام. استمرت صحتي ومعنوياتي بالتحسن في بركة الموز ، إلا أن بقية الأفراد لم تتحسن صحتهم إلا قليلا. كان العرب لطيفين وزودونا بكل ما هو ضروري ، وفي السادس والعشرين من يناير / كانون الثاني ، قمنا بتقويض الخيمة واستأنفنا رحلتنا بعد أن ساد الاعتقاد بأن الجماعة باتت في وضع قوي يكفي لمواصلة السير.