بعد أن غادرنا بركة الموز في الساعة الحادية عشرة صباحا ، واصلنا سيرنا مدة أربعين دقيقة وسط بستان من النخيل وفوق أرض مزروعة بعدها دخلنا في واد صخري ضحل انتشرت على سطحه هنا وهناك بعض نباتات السّنط. وفي الساعة الواحدة والنصف مررنا بقرية (أزكي) ، ذات النخيل الوفير ، والموقع الخلاب ، إذ كانت تستقر في تجويف تحت بعض التلال التي انتشرت فيها مدن أخرى. وفي الساعة الثانية مررنا بقرية صغيرة تدعى (Karrut) وفي الساعة الثالثة من بعد الظهر وصلنا بلدة (إمطي) حيث توقفنا لقضاء الليل.
الأربعاء ، السابع والعشرون : في الساعة الحادية عشرة صباحا غادرنا بلدة (إمطي) التي تضم حوالي ثلاثمائة منزل. وكانت على مقربة من هذه البلدة قرية مساوية لها من حيث الحجم تدعى (تهامة). ومن هذه المنطقة بدأ طريقنا على امتداد أحد الوديان الصخرية يدعى وادي (رويحة) تحف به التلال على ارتفاع خمسمائة قدم من كلا الجانبين ثم مررنا ببعض القرى الأخرى وبساتين النخيل وكنا نشاهد المياه والمزروعات الكثيفة طيلة النهار. كما شاهدنا العديد من القوافل المؤلفة من ثلاثين إلى أربعين ناقة وهي تمر بنا محملة بالأسماك الطازجة ، وبخاصة القرش ، في طريقها إلى المدن الداخلية. لقد كان اقتراب رتل طويل من الإبل وهي تمشي الهوينا في هذه الوديان الوعرة والضيقة من أكثر المشاهد جمالا وتأثيرا. وقبل أن نبزغ من وراء أحد رؤوس التلال ، كنا نسمع أولا حادي العيس وهو يكسر طوق الجو الشديد الحرارة فيغني بعض الأغاني التراثية بصوت عال. كان لكل ناقة راكبها الخاص بها. ولما بات منظر القافلة كلها مكشوفا ، كانت البنادق والسيوف تدل على انعدام الأمن في مجمل البلاد ، في حين أن أغطية الإبل المزركشة وألوانها الفاتحة والخيوط الصوفية الطويلة المتدلية من السروج المتعددة الألوان والتي تكاد تلامس الأرض ، تبرز بروزا واضحا من بين الصخور الدكناء الكئيبة المنتشرة من حولها. كان النسيم عليلا والسماء تعطيها السحب السوداء طيلة النهار. في الساعة الرابعة توقفنا في قرية (بيا)(Byah).
الخميس ، الثامن والعشرون : أحدث أصحاب الإبل هذا الصباح جلبة شديدة. وبسبب نزوة من نزواتهم ، أنزلوا كل الحاجيات من فوق ظهور الإبل بعد أن كانوا قد حملوها توا ورفضوا مواصلة الرحلة وفي الساعة الحادية عشرة صباحا كانوا يوشكون على العودة إلى (نزوى)