جوفه طولا ويلقي ما فيه إلا كلاه ، وكيسه فإذا نظف حشي ملحا وخيط الشق ، وعلق منكوسا في ظل معتدل الهواء حتى يجف ويؤمن فساده ، ثم يرفع في إناء متخرق للهواء كالسلال المضفورة من قضبان شجر الصفصاف ، والخوص ونحوه إلى وقت الحاجة. ولحمه طريا حار رطب والمجفف أشدّ حرارة ، وأقل رطوبة ولا يوافق استعماله من مزاجه حار يابس. وإنما يوافق ذوي الأمزجة الباردة الرطبة ، وخاصة لحمه وشحمه. إنهاض شهوة الجماع ، ويهيج الشبق ويقوّي الاتعاظ ، وينفع أمراض العصب الباردة وخاصة ما يلي سرته ، ويحاذي ذنبه وينفع مفردا ومركبا ، واستعماله مفردا أبلغ والمقدار منه بعد تجفيفه من مثقال إلى ثلاثة مثاقيل بحسب السنّ ، والمزاج والبلد والوقت الحاضر يسحق ويذاب بشراب أو ماء العسل ، أو نقيع الزبيب أو يذرّ على صفرة بيض الدجاج النيمرشت ويتحسى ، وكذلك يفعل بلحمه ، إذا أخذ منه من درهم إلى درهمين ، وذرّ على صفرة البيض بمفرده أو مع مثله بزر جرجير مسحوق ، ولا يوجد السقنقور إلا في بلاد الفيوم خاصة وأكثر صيده في الأربعينات إذا اشتدّ البرد ، وخرج من الماء إلى البرّ فحينئذ يصاد.
وقال المسعوديّ : والفرس الذي يكون في نيل مصر إذا خرج من الماء وانتهى وطؤه إلى بعض المواضع من الأرض ، علم أهل مصر أنّ النيل يزيد إلى ذلك الموضع بعينه غير زائد عليه ، ولا مقصر عنه لا يتخلف ذلك عندهم لطول العادات ، والتجارب. وفي ظهوره من الماء ضرر بأرباب الأرض والغلات لرعيه الزرع ، وذلك أنه يظهر من الماء في الليل ، فينتهي إلى موضع من الزرع ثم يولي عائدا إلى الماء ، فيرعى في حال رجوعه من الموضع الذي انتهى إليه مسيره ، ولا يرعى من ذلك الذي قد رعاه شيئا في ممرّه ، وإذا رعى ورد الماء وشرب ثم قذف ما في جوفه في مواضع شتى فينبت ذلك مرّة ثانية ، وإذا كثر ذلك من فعله واتصل ضرره بأرباب الضياع طرحوا له من الترمس في الموضع الذي يعرف خروجه منه مكاكي كثيرة مبدرا مبسوطا فيأكله ثم يعود إلى الماء ، فإذا شرب منه ربا الترمس (١) في جوفه وانتفخ ، فينشق جوفه منه ، ويموت ويطفو على الماء ، ويقذف به إلى الساحل والموضع الذي يرى فيه لا يرى به تمساح ، وهو على صورة الفرس إلا أنّ حوافره وذنبه بخلاف ذلك ، وجبهته واسعة.
وقال المسبحي : إنّ الصنف المعروف بالبلطي من أصناف السمك أوّل ما عرف بنيل مصر في أيام الخليفة ـ العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله ـ ولم يكن يعرف قبله في النيل ، وظهر في أيامه أيضا سمك يعرف باللبيس ، وإنما سمي باللبيس لأنه يشبه البوري الذي بالبحر الملح ، فالتبس به وغالب الظنّ أنها من أسماك البحر الملح دخلت في الحلو.
ومن حيوان البحر : التمساح. قال ابن البيطار : التمساح حيوان معروف يكون في
__________________
(١) الترمس : الباقلّاء بالمصري ، أو ثمر شجر له حب مضلع محزّز.