ستين سنة ، ثم توفي واستخلف أخوه نقاس بن مرنيوس ، وانهدم البربا في زمنه ، فلم يقدر أحد على إصلاحه ، ثم توفي نقاس واستخلف ابنه قوميس بن نقاس ، فملكهم دهرا وحاربه بخت نصر وقتله ، وخرّب مدينة منف ، وغيرها من المدائن وسبى أهل مصر ، ولم يترك بها أحدا حتى بقيت أرض مصر أربعين سنة خرابا ليس فيها ساكن.
وذكر في ترجمة كتاب هروشيش الأندلسيّ في وصف الدول والحروب ، أنّ فيما بين غرق فرعون موسى إلى مائة وسبع سنين ، كان بمصر ملك يسمى نوشردس كان يقتل الغرباء ، والأضياف ويذبحهم لأوثانه ، ويجعل دماءهم قربانا لها ، وأن بعد غرق فرعون إلى ثلثمائة وثمان وعشرين سنة ، كان بمصر ملك يسمى : بروبة ، وكان عظيم المملكة قويّ السلطان أخذ بالحرب أكثر نواحي الجنوب برّا وبحرا ، وهو أوّل من حارب الروم الذين قيل لهم بعد ذلك الغوط ، وكان قد أرسل إليهم يدعوهم إلى طاعته ، ويخوّفهم حربه ، فأجابوه ليس من الرأي المحمود للملك الغنيّ محاربة قوم فقراء لكثرة نوازل الحروب ، واختلاف حوادثها بالظفر والهلاك ، وإنا لا ننتظر مجيئك ، بل نسرع لغارتك ، وأتبعوا قولهم عملا ، وخرج فرعون إليهم ، فخرجوا مسرعين إليه وهزموا جيوشه ، ونهبوا عساكره وأمواله وعدده ، وجميع ذخائره ومضوا فنهبوا أرض مصر حتى كادوا يغلبون عليها لولا وحول عرضت لهم منعتهم مما خلفها ، ثم انصرفوا إلى بلاد الشام بحروب متصلة ، حتى أذلوا أهلها ، وجعلوهم يؤدّون إليهم المغارم ، وأقاموا محاربين لمن خالفهم في غزوتهم خمس عشرة سنة ، ولم ينصرفوا إلى بلادهم حتى أتتهم من نسائهم من يقلن لهم : إما أن تنصرفوا ، وإما أن تتخذ الأزواج ونطلب النسل من عند المجاورين لنا ، فعند ذلك انصرفوا إلى بلادهم ، وقد امتلأت أيديهم أموالا وأوقارا جمة ، وقد خلفوا وراءهم ذكرا مفزعا.
ويقال : إنّ ملوك مدين ملكوا مصر ، خمسمائة عام بعد غرق فرعون ، وهلاك دلوكة حتى أخرجهم منها نبيّ الله سليمان بن داود ، فعاد الملك بعدهم إلى القبط ، وإنّ جالوت بن بالوت ، لما قتله داود ، سار ابنه جالوت بن جالوت إلى مصر ، وبها ملوك مدين ، فأنزله ملك مصر ، بالجانب الغربيّ ، فأقام بها مدّة ثم سار إلى بلاد الغرب.
ويقال : إنّ القبط ملكوا مصر بعد دلوكة ، وابنها مدّة ستمائة سنة وعشرين سنة ، وعدّتهم سبعة وعشرون ملكا ، هم : ديوسقوليطا ، ومدّته ثمان وسبعون سنة ، وقيل : ثمان وثمانون سنة.
ثم ملك بعده سمانادوس ، ستا وعشرين سنة ، وقام بعده سوماناس مدّة مائة سنة ، ثم ملك مفخراس أربع سنين ، ثم ملك أماناقوناس تسع سنين ، ثم اسحوريس ست سنين ، ثم فسيناخس تسع سنين ، ثم فسوسانس خمسا وثلاثين سنة ، ثم ملك سسوناخوسيس إحدى وعشرين سنة ، ثم ملك اساليون خمس عشرة سنة ، ثم طافالونيس ثلاث عشرة سنة ، ثم