فاتّخذها مقرّا له ولأولاده ، وجعل من قلعة تبنين مركزا لعملياته العسكرية. يقول الأصفهاني ، وهو يصف تشكيل جيش صلاح الدين وهو يتقدّم للقتال حول عكا في شوال سنة ٥٨٦ ه : «فسار حتّى وقف على تلّ عند الخروبة على المهابة الحالية ، والحالة المحبوبة ... ومقدّموا ميمنته عظماء دولته ، صاحب دمشق و... والأمير بشارة صاحب بانياس وهو الذي لا يرجو منازلته إلّا من فيه بان اليأس» (١) فحسام الدين كان في ميمنته جيش صلاح الدين ، وهو من عظماء دولته ولا يستطيع مواجهته إلّا من كان يائسا من الحياة.
وفي ١٦ جمادى سنة ٥٨٨ ه وصل كتاب من حسام الدين بشارة إلى صلاح الدين يخبره عن واقعة حدثت مع الجيش الصليبي ، يقول ابن شداد : «وصل كتاب من حسام الدين بشارة يذكر فيه أنّه تخلّف في صور مائة مركب. وانضمّ إليهم من عكا مقدار خمسين وطرحوا فخرجوا لشنّ الغارة على البلاد الإسلامية (٢) ، فوقع عليهم العسكر المرصد لحفظ البلاد من ذلك الطرف (٣) ، وجرى بينهم قتال شديد ، قتل من العدوّ خمسة عشر نفرا ، ولم يقتل من المسلمين أحد وعادوا خائبين خاسرين» (٤)
ه ـ قبل وفاة صلاح الدين وبعدها [٥٨٩ ه / ١١٩٣ م]
في سنة ٥٨٩ ه وهي السنة التي توفى بها صلاح الدين ، كان الأمير بشارة قد بلغ أوج عزّه ومكانته ، فوصفه ابن شداد ب «المقدم على هؤلاء» ويعني بهم الأمراء الذين حضروا المجلس الذي عقده الملك الأفضل علي
__________________
(١) الفتح القسي : ص ٤٤٢ ، النوادر السلطانية : ص ١٤٧ ، وهو الذي حدّد زمن وقوفهم على الخروبة في شوال سنة ٥٨٦ ، تاريخ ابن الفرات : م ٤ ، ج ١ ، ص ٢٢٥ ، ويجعل جيش حسام الدين في أوّل الميمنة ، السلوك : ج ١ ، ص ١٠٢.
(٢) يقصد جبل عامل.
(٣) يقصد جيش الحسام العاملي. لكنه لم يذكره بالإسم ، فلاحظ.
(٤) النوادر السلطانية : ص ٢١٠.