الدرداء ـ (١) كان يرابط في بيروت ، وكان اتّخذ من بلدة الصرفند مسكنا له وترك بها ذرّيته ، وهو ما أخبرنا به ابن جميع الصيداوي المتوفى سنة ٤٠٢ ه في كتابه معجم الشيوخ ، يقول : «إبراهيم بن إسحاق بن أبي الدرداء ، أبو إسحاق الأنصاري ، من أهل صرفندة» (٢).
وتعليقا على النص المتقدّم يقول الدكتور عمر تدمري : «هو حفيد الصحابي أبي الدرداء عويمر الذي كان يرابط في بيروت ، وينسب إلى الصرفندة ، البلدة الساحلية بين صور وصيدا ... فكان بها أبناء أبي الدرداء الأنصاري ، ... ولهم بها حصن ومسجد» (٣).
ممّا تقدم نعلم أن هذين الصحابيين قد سكنا في بلدة الصرفند فترك أبو الدرداء بها ذرّيته ، وترك أبو ذر بها مسجدا حمل اسمه وأعاننا على تعيين الثغر الذي كان يسكن به.
٤ ـ تردده لزيارة المدينة
ازدادت معارضة أبي ذر للسلطة الحاكمة آنذاك ، بعد تسلم عثمان الخلافة في سنة ٢٣ ه ، إلا أنه لم يكن لينسى مجاورة قبر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وزيارته ، فكان يترك ثغره في صرفندة ويتردد إلى المدينة المنوّرة ، ويسأل عثمان الإذن له في مجاورة قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيأذن له في ذلك (٤).
مرة قال عثمان في مسجد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والناس حوله : أيجوز للإمام (٥)
__________________
(١) لقد شارك أبو الدرداء إلى جانب أبي ذر في أغلب الغزوات في بلاد الشام وغيرها ، كما شاركا معا في غزوة قبرص سنة ٢٨ ه. راجع فتوح البلدان : ص ١٥٥ ، الكامل : ج ٢ ، ص ٢٣٩.
(٢) معجم الشيوخ : ص ٢١٤.
(٣) المصدر نفسه : ص ٢١٤ ه ، نقلا عن تهذيب تاريخ دمشق : ج ٢ ، ص ١٩٨.
(٤) شرح نهج البلاغة : ج ٨ ، ص ٢٥٦ ، تاريخ اليعقوبي : ج ٢ ، ص ١٧١.
(٥) يقصد نفسه.