بابه شهرا لا نصل إليه ، ثم أذن لنا بالدخول عليه ، فدخلنا فإذا بكراسي قد حفت من داخل القصر ، فإذا بكرسي أكبر منها على باب ، فما جلسنا إلّا قليلا إذا بأبي دلف قد خرج إلينا فأومأنا (١) بالقيام إليه ، فأومأ بيده أن لا يقوم أحد ، ثم جلس [على](٢) كرسيه وأطرق مليا ورفع رأسه وأنشأ يقول :
ألا أيّها الزّوار لا يد عندكم |
|
أياديكم عندي أجلّ وأكبر |
فإن كنتم أفردتموني للغنى |
|
فشكري لكم من شكركم لي أكثر |
لأنّي للمعروف أهل وموضع |
|
ينال الفتى مني وعرضي موفر |
كفاني من مالي جواد وثروة |
|
وأبيض من ضافي الحديد ومغفر |
قال : ثم أمر بالأنطاع فبسطت ، وبالأموال فصبّت ، وقال : أيها الزوار إنّي أجلّ أقداركم ، وأعظم أخطاركم عن القسمة بينكم ، فيأخذ كلّ رجل منكم حسب ما أطاق وقدر ما أحب ، قال : فحملنا في الحجور والأكمام والقلانس والخفاف ، وخرجنا نملأ السماء دعاء والأرض ثناء.
أخبرنا أبوا (٣) الحسن الفقيهان ، وأبو المعالي بن الشّعيري ، قالوا : أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي أبو بكر ، أنبأنا أبو بكر الخرائطي ، حدّثنا يموت بن المزرّع ، حدّثنا محمّد بن حميد اليشكري قال :
كنت ذات يوم واقفا بباب أبي دلف العجلي (٤) في الكرج [في ناس](٥) من الشعراء والمسترفدين قد اتّخذنا ظهور دوابّنا مساطب ، نطالب بالإذن لنا عليه ، إذ خرج خادم له ، فسلّم علينا ثم قال : الأمير يقرأ عليكم السلام ويقول : إنّه لا شيء لكم عندنا فانصرفوا (٦) ، فورد علينا جواب لا نجيز معه جوابا فإنّا كذلك إذ خرج غلام آخر فقال : ادخلوا ، فدخلنا فألفيناه جالسا (٧) على كرسي ينكث (٨) بخيزرانة بيده الأرض فسلّمنا فردّ وأشار إلينا فجلسنا
__________________
(١) كذا رسمها بالأصل وم ، وفي «ز» : «فأومأ».
(٢) زيادة عن م و «ز» ، للإيضاح.
(٣) بالأصل و «ز» وم : «أبو» وفوقها في م : ضبة.
(٤) بالأصل : «أبي عجل الدلفي» وفوقهما ضبتان ، والتصويب عن م و «ز».
(٥) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م و «ز».
(٦) في «ز» : فانصرفنا.
(٧) بالأصل : جالس ، تصحيف ، والتصويب عن م و «ز».
(٨) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : ينكت.