قال الخطيب (١) : وحدّثني الأزهري قال في كتابي عن سهل الديباجي حدّثنا أحمد بن محمّد بن الفضل الأهوازي ، قال : أنشد بكر بن النّطّاح أبا دلف :
مثال أبي دلف أمة |
|
وخلق أبي دلف عسكر |
وإنّ المنايا إلى الدار |
|
عين بعين أبا دلف تنظر |
فأمر له بعشرة آلاف درهم فاشترى بها بستانا بنهر الأبلّة (٢) ثم عاد من قابل فأنشده :
بك ابتعت في نهر الأبلّة جنّة |
|
عليها قصير بالرّخام مشيّد |
إلى لزقها أخت لها يعرضونها |
|
وعندك مال للهبات عتيد |
فقال له أبو دلف ـ بكم الأخرى؟ قال : بعشرة آلاف ، قال : ادفعوها إليه ، ثم قال له : لا تجئني قابل فتقول بلزقها (٣) أخرى ، فإنّك تعلم أن لزق كلّ أخرى أخرى متصلة إلى ما لا نهاية له.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم ، عن رشأ بن نظيف ، أنبأنا أبو الفتح بن علي بن سيبخت ، حدّثنا أبو بكر بن الأنباري ، حدّثني أبي ، حدّثنا بعض أصحابنا قال : دخل بعض الشعراء على أبي دلف القاسم بن عيسى فأنشده :
أبا دلف إنّ المكارم لم تزل |
|
مغلغلة تشكو إلى الله غلّها |
فبشرها منه بميلاد قاسم |
|
فأرسل جبريلا إليها فحلّها |
فأمر له بمال ، فقال الخازن : ما هذا في بيت المال ، فأمر له بضعفه ، فقال الخازن : ما يحضر ، فأمر له بضعفيه ، فلمّا حمل المال مع الشاعر أنشأ أبو دلف يقول :
أتعجب إن رأيت عليّ دينا |
|
وأن ذهب الطريف مع التّلاد |
ملأت يدي من الدّنيا مرارا |
|
فما طمع العواذل في اقتصادي |
وما وجبت عليّ زكاة مال |
|
وهل تجب الزكاة على جوّاد؟ |
أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمّد بن البغدادي ، أنبأنا أبو منصور بن شكرويه ، ومحمّد ابن أحمد بن علي السمسار ، قالا : أنبأنا إبراهيم بن عبد الله بن [محمد ، نا أبو عبد الله
__________________
(١) الخبر والشعر في تاريخ بغداد ١٢ / ٤١٧.
(٢) الأبلة : بضم الهمزة والباء الموحدة واللام المشددة المفتوحة وهي بلدة قديمة على أربعة فراسخ من البصرة ، وهي اليوم من البصرة (وفيات الأعيان ٤ / ٧٩).
(٣) في «ز» : بكرتها.