فقال : ما لنا وللمجانين ، أو قد فرغنا من الأصحاء؟ قلت : إنّ له لسانا ، قال : فليدخل إذا ، فدخل ووقفت بين يديه فقال :
أيا أعزّ الناس مفقودا |
|
وأكرم الأمة موجودا (١) |
لمّا سألت الناس عن واحد |
|
أصبح في الأمة محمودا |
قالوا جميعا : إنه قاسم |
|
أشبه آباء له صيدا |
فقال أبو دلف : أنت والله يا جعيفران شاعر ، يا قهرمان ، أعطه مائة درهم ، واخلع عليه خلعة واحدة ، فقال جعيفران : أيها الأمير أما الخلعة فآخذها وأما المائة درهم فليعطني القهرمان منها خمسة كلما جئته (٢) ، فقال : أعطه خمسة [دراهم](٣) كلما جاء حتى يحول بيننا وبينه الموت ، فأطرق جعيفران ثم رفع رأسه فقال له أحمد بن يوسف مالك؟ فقال :
يموت هذا الفتى تراه (٤) |
|
وكلّ شيء له نفاد |
لو كان شيء له خلود |
|
عمّر ذا المفضل الجواد (٥) |
فقال أبو دلف لأحمد : أنت أبصر بصاحبك.
قال : وأنبأنا ابن حبيب (٦) ، أنبأنا أبو محمّد أحمد بن محمّد بن إسحاق ـ بمرو ـ حدّثنا ابن الأنباري ، حدّثنا عبد الله بن خلف الدّلّال قال : استأذن جعيفران على أبي دلف ، وذكر الحكاية.
أخبرنا أبو القاسم الحسين (٧) بن محمّد ، أنبأنا سهل بن بشر ، أنبأنا أبو الحسن علي بن عبيد الله الهمداني ـ إجازة ـ أنشدنا أبو محمّد الحسن بن إسماعيل ، أنشدنا هشام بن محمّد الرّعيني ، حدّثنا أحمد بن محمّد الأزدي لابن جبلة في أبي دلف :
ضربت عليه المكرمات بناها (٨) |
|
فعلا العمود وطالت الأطناب |
__________________
(١) روايته في الأغاني :
يا أكرم العالم موجودا |
|
ويا أعز الناس مفقودا |
(٢) في عقلاء المجانين : خمسة دراهم كلما أتيت.
(٣) زيادة عن عقلاء المجانين.
(٤) الأغاني : الذي أراه.
(٥) روايته في الأغاني :
لو غير ذي العرش دام شيء |
|
لدام ذا المفضل الجواد |
(٦) رواه في عقلاء المجانين ص ١٩٤ رقم ٣٣٣.
(٧) في م و «ز» : أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد.
(٨) في م : ثيابها.