كتابا فقال للرسول : ما وراءك؟ قال : آمن أنا؟ قال : نعم ، إنّ الرسل آمنة لا تقتل ، قال : ورائي أنّي تركت قوما لا يرضون إلّا بالقود قال : ممن؟ قال : من خيط نفسك ، وتركت ستين ألف شيخ يبكي تحت قميص عثمان ، وهو منصوب لهم ، قد ألبسوه منبر دمشق ، فقال : أمني يطلبون دم عثمان؟ ألست موتورا كترة عثمان؟ اللهم إنّي أبرأ إليك من دم عثمان ، نجا والله قتلة عثمان إلّا أن يشاء الله ، فإنه إذا أراد أمرا أصابه. أخرج قال : وأنا آمن ، قال : وأنت آمن.
فخرج العبسي وصاحب السبائية ، وقالوا : هذا الكلب وافد الكلاب ، اقتلوه ، فنادى : يا آل مضر ، يا آل قيس ، بالخيل والنبل ، إنّي أحلف بالله ليردّنّها عليكم أربعة آلاف حصي ، فانظروا كم الفحولة والركاب ، وتغاووا (١) عليه ، ومنعته مضر ، وجعلوا يقولون له : اسكت ، ويقول : والله لا يفلح هؤلاء أبدا ، ولقد أتاهم ما يوعدون. فيقال له : اسكت ، فيقول : لقد حلّ بهم ما يحذرون. انتهت والله أعمالهم ، وذهبت ريحهم.
فو الله ما أمسوا من يومهم ذلك حتى عرف الذلّ فيهم.
__________________
(١) تغاووا عليه : تجمعوا.