مظلوما وأخرج عليا من هذا الأمر ، وعرض عليّ رجالا لم أرهم أهلا لهذا الأمر ، وهذا الأمر إليّ أستخلف عليه من شئت. قد أعطيتموني عهودكم ومواثيقكم على ذلك يا أهل الشام ، قالوا : صدقت ، قال : فانطلق إلى منزله ، فأرسل إليه معاوية يدعوه. فقال : إنما أجيئك إذ كانت لي إليك حاجة ، فأما إذا كانت لك الحاجة إلينا ، فأنت أحقّ أن تأتينا. فأمر معاوية بطعام كثير فصنع ثم دعا خاصته من مواليه وأهله فقال : إني سأغدو على هذا ، فإذا دعوت بالطعام فدعوا مواليه وأهله فليجلسوا قبلكم ، فإذا شبع رجل فقام فليجلس رجل منكم مكانه ، فإذا خرجوا فلم يبق في البيت منهم أحد ، فأغلقوا البيت (١) فغدا عليه معاوية وعمرو جالس على فرشه ، فلم يقم له عنها ولم يدعه إليها ، فجاء فجلس على الأرض فاتكأ على ناحية الفراش فحدّثه (٢) ساعة وضاحكه فقال : يا أبا عبد الله هل من غداء؟ قال : أما والله شيء يشبع من ترى فلا؟ قال : يا غلام هلمّ غداءك ، فجاءوا بالطعام فوضعه وقال : ادع مواليك وأهلك يا أبا عبد الله ، فدعاهم ، قال : ادع أنت (٣) أصحابك ، قال : نعم ، يأكل أصحابك ، ثم يجلس هؤلاء بعد فجعلوا كلما قام رجل جلس رجل مكانه ، حتى خرج أصحاب عمرو ، وجلس أصحاب معاوية في البيت ، فأمر الذي وكله بذاك فأغلق الباب ، قال عمرو : فعلتها (٤)؟ قال : بيني وبينك أمران اختر أيهما شئت : البيعة لي أو أقتلك ، قال : ليس والله غيرهما لك ، قال : تأذن لقتير حتى أستشيره وأنظر ما رأيه؟ قال : لا ترى والله قتيرا ولا يراك إلّا قتيلا أو على ما قلت لك ، قال : فاجعل لي مصر قال : هي لك ما عشت ، فاستوثق كلّ واحد منهما من صاحبه ، ثم خرج عمرو إلى أهل الشام فقال لهم : إني قد رأيت أن أبايع معاوية ، لم أر أحدا أقوى على هذا الأمر منه ، فبايعه أهل الشام ، فانصرف خليفة ، ورجع عليّ إلى الكوفة حتى قتل أهل النهروان (٥) وأمره منتشر.
__________________
(١) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : فاغلقوا باب البيت.
(٢) الأصل وم : يحدثه ، والمثبت عن «ز».
(٣) غير واضحة بالأصل والمثبت عن م و «ز».
(٤) الأصل : وفعلتها ، والمثبت عن م و «ز».
(٥) في «ز» وم : النهر.