التميمي ، حدّثني سعد بن المضا عن رجل من عبد القيس ، حدّثني أبي عن نوفل بن مساحق أنه قال :
وليت صدقات كعب بن ربيعة ، فقلت لرجل من بني عامر : أحب أن أرى قيس بن معاذ وأسمع منه ، فقال لي : إذا أردت أن تستخرج ما عنده فعرض له بشعر رقيق من أشعار العشاق ، قال : فطلبته يوما في (١) ظل أراكة يحدث نفسه ، قال : فقربت منه وكأنّي لا أريده وأنشدت قول قيس بن ذريح :
ألا يا غراب البين ويحك نبّني |
|
بعلمك في لبنى وأنت خبير |
فإن أنت لم تخبر بشيء علمته |
|
فلا طرت إلّا والجناح كسير |
ودرت بأعداء حبيبك فيهم |
|
كما قد يراني بالحبيب أدور |
قال : فتهيّج ، وقال : أنا والله أشعر منه ، أن الذي أقول :
ألا يا غراب البين لونك شاحب |
|
وأنت بلوعات الفراق جدير |
فنبئن لنا ما قلت إذ أنت واقع |
|
وبيّن لنا ما قلت حين تطير |
فإن يك حقّا ما تقول فأصبحت |
|
همومك شتّى والجناح كسير |
ولا زلت مطرودا عديما لناصر |
|
كما ليس لي من ظالمي نصير |
قال : قلت : قاتل الله قيسا حيث يقول (٢) :
فما أنا إن بانت لبينى بهاجع |
|
إذا ما اطمأنّت بالرجال المضاجع |
وكيف ينام المرء مستشعر الجوى |
|
تعاوره منه بكأس روادع |
فقال : أنا أشعر منه ، أنا الذي أقول :
وما بتّ (٣) إلّا خاصم البين حبّها |
|
مكينان من قلب مطيع وسامع |
تبارك ربي كم لليلى إذا انتحت |
|
بها النفس عندي من خصيم وشافع |
قال : قلت : قاتل الله قيسا حين يقول (٤) :
ألا ليت أياما مضين تعود |
|
فإن عدن (٥) لبنى (٦) إنّني لسعيد |
__________________
(١) في «ز» : فطلبته يوما يعني فوجدته في ظل أراكة.
(٢) الأول من قصيدة في الأغاني ٩ / ٢١٧.
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : أنت.
(٤) البيتان في الأغاني ٩ / ٢١٠.
(٥) في «ز» : عدت.
(٦) في الأغاني : عدن يوما.