أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأنا أبو بكر بن سيف (١) ، أنبأنا السري بن يحيى ، أنبأنا شعيب بن إبراهيم ، حدّثنا سيف بن عمر ، عن المستنير بن يزيد ، عن عروة بن غزية ، وموسى ، عن أبي زرعة الشيباني (٢) قالا :
وفارق عمرو بن معدي كرب قيسا فأقبل مستخفيا (٣) حتى دخل على المهاجر ـ يعني ابن أبي أمية على غير أمان ، فأوثقه المهاجر وأوثق عمرا (٤) وكتب بحالهما إلى أبي بكر وبعث بهما إليه ، وقال :
رأيت أبا ثور وعمرا كلاهما |
|
يعالج ذلا ضارعا وحجولا |
فقدم بهما على أبي بكر فقال : يا قيس أعدوت على عباد الله فقتلتهم ، وتتخذ المرتدين المشركين وليجة من دون المؤمنين ، وهم بقتله لو وجد أمرا جليا ، وانتقى قيس من أن يكون قارفا من أمر داذويه شيئا ، وكان ذلك عملا عمل في سرّ لم يكن به بيّنة ، فتجافى له عن دمه ، وقال لعمرو بن معدي كرب : أما تخزى أنك كل يوم مهزوم أو مأسور ، لو نصرت هذا الدين لرفعك الله جلّ وعزّ ، ثم خلّى سبيله وردهما إلى عشائرهما وقال عمرو : لا جرم ، لأقبلنّ ثم لا أعود.
وقد كان عمرو بن معدي كرب دعا قيسا قبل جلاء الأبناء إلى أبي بكر فأبى ، فقال له وهما في الأسار (٥) :
أمرتك يوم ذي صنعا |
|
ء أمرا باديا رشده |
أمرتك باتقاء الله |
|
والمعروف تتعده (٦) |
تمناني على فرس |
|
عليه جالسا أسده |
عليّ مفاضة كالنهى |
|
أخلص ماءه جدده (٧) |
__________________
(١) الخبر في تاريخ الطبري ٣ / ٣٢٩.
(٢) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : «السيار» وفي الطبري : السيباني.
(٣) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الطبري : مستجيبا.
(٤) في الطبري : وأوثق قيسا.
(٥) الأبيات في تاريخ الطبري ٣ / ١٣٣ وسيرة ابن هشام ٤ / ٢٣٠.
(٦) في الطبري : تاتعده.
(٧) الدرع المفاضة : الواسعة. والنهي : الغدير من الماء ، والجدد : الأرض الصلبة.