«إن العالم إذا أراد بعلمه وجه الله هابه كلّ شيء ، وإذا أراد أن يكنز به الكنوز هاب من كل شيء» [١١٢٠٦].
فقال : ما تقول يرحمك الله في رجل له ابنان ، وهو عن أحدهما أرضى ، فأراد أن يجعل له في حياته ثلثي ماله؟ قال : لا يفعل ، رحمك الله ، فإنّي سمعت ثابتا البناني يقول : سمعت أنس بن مالك يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن الله إذا أراد أن يعذّب عبده بماله وقفه عند مرضه لوصية جائرة».
قال : فحاجة إليك ، قال : هات ما لم تكن رزية في دين ، قال : أربعين ألف درهم تأخذها تستعين بها على ما أنت عليه ، قال : ارددها على من ظلمته بها ، قال : والله ما أعطيك إلّا ما ورثته ، قال : لا حاجة لي فيها ، ازوها عني (١) ، زوى الله عنك أوزارك (٢) ، قال : فغير هذا؟ قال : هات ما لم تكن رزية في دين ، قال : تأخذها تقسمها ، قال : فلعلّي إن عدلت في قسمها أن يقول بعض من لم يرزق منها إنه لم يعدل في قسمها فيأثم ، ازوها عنّي ، زوى الله عنك أوزارك.
قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا عبد الوهّاب بن جعفر ، حدّثني أبو سليمان محمّد بن عبد الله بن زبر ، حدّثني أبي أبو محمّد ، حدّثني الحسن بن عليل (٣) العنزي ، حدّثني عيسى بن حرب الصفّار قال : سمعت محمّد بن الفضل أبا النعمان السّدوسي يقول :
كان لمحمّد بن سليمان الهاشميّ مولى يقال له منصور ، له منه منزلة ، وكان موسرا ، وكان ظلوما ، شديد التعدي على الناس ، فاغتصب منصور هذا رجلا من بني سليم أرضا على حدّ أرض له ، وكان بين الأرضين حائط ، فقلع الحائط وخلطهما ، فجاء السّلمي إلى حمّاد بن زيد وكان يجالسه ويسمع العلم منه ، فاشتكى ذلك إليه وسأله معونته على حقّه ، فقال له حمّاد : إذا وقفت على صحة ذلك فعلت ، فأتاه برجلين ثقتين عنده ، فصدّقا قول السّلمي ، وكان حمّاد لا يزال يسمع من يشتكي منصورا هذا ويتظلّم منه كثيرا ، فقال حمّاد للسّلمي : اكتب إلى الأمير ـ يعني ـ محمّد بن سليمان قصة تصف فيها ظلامتك وتستظهر بمعرفتي ،
__________________
(١) ازوها عني أي اصرفها عني ، أبعدها عني.
(٢) أي أبعد الله عنك المصائب وصرف عنك المصاعب والمتاعب.
(٣) اللفظة غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن د ، و «ز».