وقرأ الحسن ، وابن أبي عبلة : صالو الجحيم بالواو ، وهكذا في كتاب الكامل للهذلي. وفي كتاب ابن خالويه عنهما : صال مكتوبا بغير واو ، وفي كتاب ابن عطية. وقرأ الحسن : صالو مكتوبا بالواو ؛ وفي كتاب اللوامح وكتاب الزمخشري عن الحسن : صال مكتوبا بغير واو. فمن أثبت الواو فهو جمع سلامة سقطت النون للإضافة. حمل أولا على لفظ من فأفرد ، ثم ثانيا على معناها فجمع ، كقوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (١) ، حمل في يقول على لفظ من ، وفي وما هم على المعنى ، واجتمع الحمل على اللفظ ، والمعنى في جملة واحدة ، وهي صلة للموصول ، كقوله : (إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) (٢). وقول الشاعر :
وأيقظ من كان منكم نياما
ومن لم يثبت الواو احتمل أن يكون جمعا ، وحذفت الواو خطأ ، كما حذفت في حالة الوصل لفظا لأجل التقاء الساكنين. واحتمل أن يكون صال مفردا حذفت لامه تخفيفا ، وجرى الإعراب في عينه ، كما حذف من قوله : (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) (٣) ، (وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ) (٤) ، برفع النون والجوار ، وقالوا : ما باليت به بالة ، أي بالية من بالى ، كعافية من عافى ، فحذفت لام باليت وبالية. وقالوا بالة وبال ، بحذف اللام فيهما. وقال الزمخشري : وقد وجه نحوا من الوجهين السابقين وجعلهما أولا وثالثا فقال : والثاني أن يكون أصله صائل على القلب ، ثم يقال : صال في صائل ، كقولهم : شاك في شائك. انتهى. (وَما مِنَّا) : أي أحد ، (إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) : أي مقام في العبادة والانتهاء إلى أمر الله ، مقصور عليه لا يتجاوزه. كما روي : فمنهم راكع لا يقيم ظهره ، وساجد لا يرفع رأسه ، وهذا قول الملائكة ، وهو يقوي قول من جعل الجنة هم الملائكة تبرؤوا عن ما نسب إليهم الكفرة من كونهم بنات الله ، وأخبروا عن حال عبوديتهم ، وعلى أي حالة هم فيها. وفي الحديث : «أن السماء ما فيها موضع إلا وفيه ملك ساجد أو واقف يصلي» ، وعن ابن مسعود : «موضع شبر إلا وعليه جبهة ملك أو قدماه» ، وحذف المبتدإ مع من جيد فصيح ، كما مر في قوله : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَ) (٥) ، أي وأن من أهل الكتاب أحد.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٨.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ١١١.
(٣) سورة الرحمن : ٥٥ / ٥٤.
(٤) سورة الرحمن : ٥٥ / ٢٤.
(٥) سورة النساء : ٤ / ١٥٩.