ظَلَمَكَ) ؛ فتبسما عند ذلك وذهبا ، ولم يرهما لحينه ، ورأى أنهما ذهبا نحو السماء بمرأى منه. وأضاف المصدر إلى المفعول ، وضمن السؤال معنى الإضافة ، أي بإضافة نعجتك على سبيل السؤال والطلب ، ولذلك عداه بإلى.
(وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) : هذا من كلام داود ، ويدل على أن زمانه كان فيه الظلم والاعتداء كثيرا. والخلطاء : الشركاء الذين خلطوا أموالهم ، الواحد خليط. قصد داود بهذا الكلام الموعظة الحسنة ، والترغيب في إيثار عادة الخلطاء الصلحاء الذين حكم لهم بالقلة ، وأن يكره إليهم الظلم ، وأن يسلي المظلوم عن ما جرى عليه من خليطه ، وأن له في أكثر الخلطاء أسوة. وقرىء : ليبغي ، بفتح الياء على تقدير حذف النون الخفيفة ، وأصله : ليبغين ، كما قال :
اضرب عنك الهموم طارقها
يريد : اضربن ، ويكون على تقدير قسم محذوف ذلك القسم ، وجوابه خبر لأن. وعلى قراءة الجمهور ، يكون ليبغي خبرا لأن. وقرىء : ليبغ ، بحذف الياء كقوله :
محمد تفد نفسك كل نفس
أي : تفدي على أحد القولين. و (قَلِيلٌ) : خبره مقدّم ، وما زائدة تفيد معنى التعظيم والتعجب ، وهم مبتدأ. (وَظَنَّ داوُدُ) : لما كان الظن الغالب يقارب العلم ، استعير له ، ومعناه : وعلم داود وأيقن أنا ابتليناه بمحاكمة الخصمين. وأنكر ابن عطية مجيء الظن بمعنى اليقين. وقال : لسنا نجده في كلام العرب ، وإنما هو توقيف بين معتقدين غلب أحدهما على الآخر ، وتوقعه العرب على العلم الذي ليس على الحواس ودلالة اليقين التام ، ولكن يخلط الناس في هذا ويقولون : ظن بمعنى أيقن ، وطول ابن عطية في ذلك بما يوقف عليه في كتابه. وقرأ الجمهور : (فَتَنَّاهُ) ؛ وعمر بن الخطاب ، وأبو رجاء ، والحسن : بخلاف عنه ، شد التاء والنون مبالغة ؛ والضحاك : أفتناه ، كقوله :
لئن فتنتني لهي بالأمس أفتنت
وقتادة ، وأبو عمرو في رواية ؛ يخفف التاء والنون ، والألف ضمير الخصمين. (فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ) ، راكعا : حال ، والخرور : الهويّ إلى الأرض. فإما أنه عبر بالركوع عن السجود ، وإما أنه ذكر أول أحوال الخرور ، أي راكعا ليسجد. وقال الحسن : لأنه لا يكون ساجدا حتى يركع. وقال الحسن بن الفضل : أخر من ركوعه ، أي