وزيد بن علي ، والحسن ، والسدّي ؛ وابن أبي عبلة ، ويعقوب ، والجحدري : بفتحتين ؛ وأبو حيوة ، ويعقوب في رواية ، وهبيرة عن حفص : بفتح النون وسكون الصاد. وقال الزمخشري : النصب والنصب ، كالرشد والرشد ، والنصب على أصل المصدر ، والنصب تثقيل نصب ، والمعنى واحد ، وهو التعب والمشقة. والعذاب : الألم ، يريد مرضه وما كان يقاسي فيه من أنواع الوصب. انتهى.
وقال ابن عطية : وقد ذكر هذه القراءات ، وذلك كل بمعنى واحد معناه المشقة ، وكثيرا ما يستعمل النصب في مشقة الإعياء. وفرق بعض الناس بين هذه الألفاظ ، والصواب أنها لغات بمعنى من قولهم : أنصبني الأمر ، إذ شق عليّ انتهى. وقال السدّي : بنصب في الجسد وعذاب في المال ، وفي الكلام حذف تقديره : فاستجبنا له وقلنا : (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) ، فركض ، فنبعت عين ، فقلنا له : (هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ) فيه شفاؤك ، فاغتسل فبرأ ، (وَوَهَبْنا لَهُ) ، ويدل على هذه المحذوفات معنى الكلام وسياقه. وتقدم الكلام في الركض في سورة الأنبياء. وعن قتادة والحسن ومقاتل : كان ذلك بأرض الجابية من الشام.
ومعنى (هذا مُغْتَسَلٌ) : أي ما يغتسل به ، (وَشَرابٌ) ، أي ما تشربه ، فباغتسالك يبرأ ظاهرك ، وبشر بك يبرأ باطنك. والظاهر أن المشار إليه كان واحدا ، والعين التي نبعت له عينان ، شرب من إحداهما واغتسل من الأخرى. وقيل : ضرب برجله اليمنى ، فنبعت عين حارة فاغتسل. وباليسرى ، فنبعت باردة فشرب منها ، وهذا مخالف لظاهر قوله : (مُغْتَسَلٌ بارِدٌ) ، فإنه يدل على أنه ماء واحد. وقيل : أمر بالركض بالرجل ، ليتناثر عنه كل داء بجسده. وقال القتبي : المغتسل : الماء الذي يغتسل به. وقال مقاتل : هو الموضع الذي يغتسل فيه. وقال الحسن : ركض برجله ، فنبعت عين ماء ، فاغتسل منها ، ثم مشى نحوا من أربعين ذراعا ، ثم ركض برجله ، فنبعت عين ، فشرب منها. قيل : والجمهور على أنه ركض ركضتين ، فنبعت له عينان ، شرب من إحداهما ، واغتسل من الأخرى. والجمهور : على أنه تعالى أحيا له من مات من أهله ، وعافى المرضى ، وجمع عليه من شتت منهم. وقيل : رزقه أولادا وذرية قدر ذريته الذين هلكوا ، ولم يردّ أهله الذين هلكوا بأعيانهم ، وظاهر هذه الهيئة أنها في الدنيا. وقيل ذلك وعد ، وتكون تلك الهيئة في الآخرة. وقيل : وهبه من كان حيا منهم ، وعافاه من الأسقام ، وأرغد لهم العيش ، فتناسلوا حتى تضاعف عددهم وصار مثلهم.