لا يملكون شيئا ، فكيف يملكون الشفاعة؟ وقال الزمخشري : أي ولو كانوا على هذه الصفة لا يملكون شيئا قط حتى يملكوا الشفاعة ، ولا عقل لهم. انتهى. فأتى بقوله : قط ، بعد قوله : لا يملكون ، وليس بفعل ماض ، وقط ظرف يستعمل مع الماضي لا مع غيره ، وقد تكرر للزمخشري هذا الاستعمال ، وليس باستعمال عربي.
(قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) : فهو مالكها ، يأذن فيها لمن يشاء ثم أتى بعام وهو : (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، فاندرج فيه ملك الشفاعة. ولما كانت الشفاعة من غيره موقوفة على إذنه ، كانت الشفاعة كلها له. ولما أخبر أنه له ملك السموات والأرض ، هددهم بقوله : (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ، فيعلمون أنهم لا يشفعون ، ويخيب سعيكم في عبادتهم. وقال الزمخشري : معناه له ملك السموات والأرض اليوم ، ثم إليه ترجعون يوم القيامة ، فلا يكون الملك في اليوم ذلك إلا له ، فله ملك الدنيا والآخرة.
(وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ) : أي مفردا بالذكر ، ولم يذكر مع آلهتهم. وقيل : إذا قيل لا إله إلا الله ، (وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) ، وهي الأصنام. والاشمئزاز والاستبشار متقابلان غاية ، لأن الاشمئزاز : امتلاء القلب غما وغيظا ، فيظهر أثره ، وهو الانقباض في الوجه ، والاستبشار : امتلاؤه سرورا ، فيظهر أثره ، وهو الانبساط ، والتهلل في الوجه. وقال الزمخشري : فإن قلت : ما العامل في وإذا ذكر؟ قلت : العامل في إذا الفجائية تقديره : وقت ذكر الذين من دونه فاجأوا الاستبشار. وقال الحوفي : (إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) ، إذا مضافة إلى الابتلاء والخبر ، وإذا مكررة للتوكيد وحذف ما تضاف إليه ، والتقدير : إذا كان ذلك هم يستبشرون ، فيكون هم يستبشرون العامل في إذا ، المعنى : إذا كان ذلك استبشروا. انتهى. أما قول الزمخشري : فلا أعلمه من قول من ينتمي للنحو ، وهو أن الظرفين معمولان لعامل واحد ، ثم إذا الأولى ينتصب على الظرف ، والثانية على المفعول به. وأما قول الحوفي فبعيد جدّا عن الصواب ، إذ جعل إذا مضافة إلى الابتداء والخبر ، ثم قال : وإذا مكررة للتوكيد وحذف ما تضاف إليه ، فكيف تكون مضافة إلى الابتداء والخبر الذي هم يستبشرون؟ وهذا كله يوجبه عدم الإتقان لعلم النحو والتحدث فيه ، وقد تقدم لنا في مواضع إذا التي للمفاجأة جوابا لإذا الشرطية ، وقد قررنا في علم النحو الذي كتبناه أن إذا الشرطية ليست مضافة إلى الجملة التي تليها ، وإن كان مذهب الأكثرين ، وأنها ليست بمعمولة للجواب ، وأقمنا الدليل على ذلك ، بل هي معمولة للفعل الذي يليها ، كسائر أسماء الشرطية الظرفية ، وإذا الفجائية رابطة لجملة الجزاء بجملة الشرط ، كالفاء ؛ وهي