ابن عباس : وحدوني أغفر لكم ؛ وقيل للثوري : ادع الله تعالى ، فقال : إن ترك الذنوب هو الدعاء. وقال الحسن ، وقد سئل عن هذه الآية : اعملوا وأبشروا ، فإنه حق على الله أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ، ويزيدهم من فضله. وقال أنس : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله». (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي) : أي عن دعائي. وقرأ جمهور السبعة ، والحسن ، وشيبة : سيدخلون مبنيا للفاعل ؛ وزيد بن علي ، وابن كثير ، وأبو جعفر : مبنيا للمفعول ؛ واختلف عن عاصم وأبي عمرو. داخرين : ذليلين.
(اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً) : تقدم الكلام على مثل هذه الجملة في سورة يونس. و (لَذُو فَضْلٍ) : أبلغ من : لمفضل أو لمتفضل ، كما قال : (لَذُو عِلْمٍ) لما علمناه (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ) (١) ، (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (٢) ، لما يؤدي إليه من كونه صاحبه ومتمكنا منه ، بخلاف أن يؤتي بالصفة ، فإنه قد يدل على غير الله بالاتصاف به في وقت ما ، لا دائما ، وذكر عموم فضله وسوغه على الناس ، ثم قال : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) ، فأتى به ظاهرا ، ولم يأت التركيب : ولكن أكثرهم. قال الزمخشري : في هذا التكرير تخصيص لكفران النعمة بهم ، وأنهم هم الذين يكفرون فضل الله ولا يشكرونه ، كقوله : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ*) (٣) ، (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) (٤) ، (إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (٥). انتهى. (ذلِكُمُ) : أي المخصوص بتلك الصفات التميز بها من استجابته لدعائكم ، ومن جعل الليل والنهار كما ذكر ، ومن تفضله عليكم. (اللهُ رَبُّكُمْ) : الجامع لهذه الأوصاف من الإلهية والربوبية ، وإنشاء الأشياء والوحدانية. فكيف تصرفون عن عبادة من هذه أوصافه إلى عبادة الأوثان؟ وقرأ زيد بن علي : خالق بنصب القاف ، وطلحة في رواية : يؤفكون بياء الغيبة والجمهور : بضم القاف وتاء الخطاب. قال الزمخشري : خالق نصبا على الاختصاص كذلك ، أي مثل ذلك الصرف صرف الله قلوب الجاحدين بآيات الله من الأمم على طريق الهدى.
ولما ذكر تعالى ما امتن به من الليل والنهار ، ذكر أيضا ما امتن به من جعل الأرض مستقرا والسماء بناء ، أي قبة ، ومنه أبنية العرب لمضاربهم ، لأن السماء في منظر العين كقبة مضروبة على وجه الأرض. وقرأ الجمهور : صوركم بضم الصاد ، والأعمش ، وأبو
__________________
(١) سورة الطلاق : ٦٥ / ٧.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ١٠٥.
(٣) سورة الحج : ٢٢ / ٦٦.
(٤) سورة العاديات : ١٠٠ / ٦.
(٥) سورة إبراهيم : ١٤ / ٣٤.