المذكور ، ولا يختص بما قبل الشيخ ، بل منهم من يموت قبل أن يخرج طفلا ، وآخر قبل الأشد ، وآخر قبل الشيخ. (وَلِتَبْلُغُوا) : متعلق بمحذوف ، أي يبقيكم لتبلغوا ، أي ليبلغ كل واحد منكم أجلا مسمى لا يتعداه. قال مجاهد : يعني موت الجميع ، وقيل : هو يوم القيامة. و (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ما في ذلك من العبرة والحجج ، إذا نظرتم في ذلك وتدبرتم.
ولما ذكر ، رتب الإيجاد ، ذكر أنه المتصف بالإحياء والإماتة ، وأنه متى تعلقت إرادته بإيجاد شيء أوجده من غير تأخر ، وتقدم الكلام على مثل هذه الجمل. ثم قال بعد ظهور هذه الآيات : ألا تعجب إلى المجادل في آيات الله كيف يصرف عن الجدال فيها ويصير إلى الإيمان بها؟ والظاهر أنها في الكفار المجادلين في رسالة الرسول عليهالسلام والكتاب الذي جاء به بدليل قوله : (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا) ، ثم هددهم بقوله : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ، وهذا قول الجمهور. وقال محمد بن سيرين وغيره : هي إشارة إلى أهل الأهواء من الأمة ، ورووا في نحو هذا حديثا وقالوا : هي في أهل القدر ومن جرى مجراهم ، ويلزم قائلي هذه المقالة أن يجعل قوله : (الَّذِينَ كَذَّبُوا) كلاما مستأنفا في الكفار ، ويكون (الَّذِينَ كَذَّبُوا) مبتدأ ، وخبره : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ). وأما على الظاهر ، فالذين بدل من الذين ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أو منصوبا على الذم ، وإذ ظرف لما مضى ، فلا يعمل فيه المستقبل ، كما لا يقول : سأقوم أمس ، فقيل : إذا يقع موقع إذ ، وأن موقعها على سبيل المجاز ، فيكون إذ هنا بمعنى إذا ، وحسن ذلك تقين وقوع الأمر ، وأخرج في صيغة الماضي ، وإن كان المعنى على الاستقبال. قال النخعي : لو أن غلّا من أغلال جهنم وضع على جبل ، لأرحضه حتى يبلغ إلى الماء الأسود. وقرأ : والسلاسل عطفا على الأغلال ، يسحبون مبنيا للمفعول. وقرأ ابن مسعود ، وابن عباس ، وزيد بن علي ، وابن وثاب ، والمسيء في اختياره : والسلاسل بالنصب على المفعول ، يسحبون مبنيا للفاعل ، وهو عطف جملة فعلية على جملة اسمية. وقرأت فرقة منهم ابن عباس : والسلاسل ، بجر اللام. قال ابن عطية : على تقدير ، إذ أعناقهم في الأغلال والسلاسل ، فعطف على المراد من الكلام لا على ترتيب اللفظ ، إذ ترتيبه فيه قلب ، وهو على حد قول العرب : أدخلت القلنسوة في رأسي ، وفي مصحف أبيّ : وفي السلاسل يسحبون. وقال الزمخشري : ووجهه أنه لو قيل : إذ أعناقهم في الأغلال ، مكان قوله : (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) ، لكان صحيحا مستقيما. فلما كانتا عبارتين معتقبتين ، حمل قوله : (وَالسَّلاسِلُ) على العبارة الأخرى ، ونظيره قول الشاعر :