يتب منها ، والمقتصد : من مات على صغيرة ولم يصب كبيرة لم يتب منها ، والسابق : من مات نائبا عن كبيرة أو صغيرة أو لم يصب ذلك. وقيل : الظالم لنفسه : العاصي المسرف ، والمقتصد : متقي الكبائر ، والسابق : المتقي على الإطلاق. وقال الحسن : الظالم : من خفت حسناته ، والمقتصد : من استوت ، والسابق : من رجحت. وقال الزمخشري : قسمهم إلى ظالم مجرم ، وهو المرجأ لأمر الله ، ومقتصد ، وهو الذي خلط عملا صالحا وآخر سيئا ؛ وسابق ، من السابقين. انتهى. وذكر في التجريد ثلاثة وأربعين قولا في هؤلاء الأصناف الثلاثة. وقرأ أبو عمران الحوفي ، وعمر بن أبي شجاع ، ويعقوب في رواية ، والقراءة عن أبي عمرو : سباق ؛ والجمهور. سابق ، قيل : وقدم الظالم لأنه لا يتكل إلا على رحمة الله. وقال الزمخشري : للإيذان بكثرة الفاسقين منهم وغلبتهم ، وأن المقتصد قليل بالإضافة إليهم ، والسابقون أقل من القليل. انتهى. (بِإِذْنِ اللهِ) : بتيسيره وتمكينه ، أي أن سبقه ليس من جهة ذاته ، بل ذلك منه تعالى. والظاهر أن الإشارة بذلك الى إيراث الكتاب واصطفاء هذه الأمة.
و (جَنَّاتُ) على هذا مبتدأ ، و (يَدْخُلُونَها) الخبر. وجنات ، قرأة الجمهور جمعا بالرفع ، ويكون ذلك إخبارا بمقدار أولئك المصطفين. وقال الزمخشري ، وابن عطية : (جَنَّاتُ) بدل من (الْفَضْلُ). قال الزمخشري : فإن قلت : فكيف جعلت (جَنَّاتُ عَدْنٍ) بدلا من (الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) الذي هو السبق بالخيرات المشار إليه بذلك؟ قلت : لما كان السبب في نيل الثواب نزل منزلة المسبب كأنه هو الثواب ، فأبدلت عنه جنات عدن. انتهى. ويدل على أنه مبتدأ قراءة الجحدري وهارون ، عن عاصم. جنات ، منصوبا على الاشتغال ، أي يدخلون جنات عدن يدخلونها. وقرأ رزين ، وحبيش ، والزهري : جنة على الأفراد. وقرأ أبو عمرو : يدخلونها مبنيا للمفعول ، ورويت عن ابن كثير والجمهور مبنيا للفاعل. والظاهر أن الضمير المرفوع في يدخلونها عائدا على الأصناف الثلاثة ، وهو قول عبد الله بن مسعود ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وأبي الدرداء ، وعقبة بن عامر ، وأبي سعيد ، وعائشة ، ومحمد بن الحنيفة ، وجعفر الصادق ، وأبي إسحاق السبيعي ، وكعب الأحبار. وقرأ عمر هذه الآية ، ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «سابقنا سابق ، ومقتصدنا ناج ، وظالمنا مغفور له». ومن جعل ثلاثة الأصناف هي التي في الواقعة ، لأن الضمير في يدخلونها عائد عنده على المقتصد والسابق. وقال الزمخشري : هو عائد على السابق فقط ، ولذلك جعل ذلك إشارة إلى السبق بعد التقسيم ، فذكر ثوابهم. والسكوت عن الآخرين ما فيه من