الإثابة. انتهى. وأجورهم هي التي رتبها تعالى على أعمالهم ، وزيادته من فضله. قال أبو وائل : بتشفيعهم فيمن أحسن إليهم. وقال الضحاك : بتفسيح القلوب ، وفي الحديث : «بتضعيف حسناتهم». وقيل : بالنظر إلى وجهه. والكتاب : هو القرآن ، ومن : للتبيين أو الجنس أو التبعيض ، تخريجات للزمخشري. و (مُصَدِّقاً) : حال مؤكدة لما (بَيْنَ يَدَيْهِ) من الكتب الإلهية : التوراة والإنجيل والزبور وغيره ، وفيه إشارة إلى كونه وحيا ، لأنه عليهالسلام لم يكن قارئا كاتبا ، وأتى ببيان ما في كتب الله ، ولا يكون ذلك إلا من الله تعالى. (إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ) : عالم بدقائق الأشياء وبواطنها ، بصير بما ظهر منها ، وحيث أهلك لوحيه ، واختارك برسالته وكتابه ، الله أعلم حيث يجعل رسالاته.
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ) ، وثم قيل : بمعنى الواو ، وقيل : للمهلة ، إما في الزمان ، وإما في الإخبار على ما يأتي بيانه. والكتاب فيه قولان ، أحدهما : أن المعنى : أنزلنا الكتب الإلهية ، والكتاب على هذا اسم جنس. والمصطفون ، على ما يأتي بيانه أن المعنى : الأنبياء وأتباعهم ، قاله الحسن. وقال ابن عباس : هم هذه الأمة ، أورثت أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ، كل كتاب أنزله الله. وقال ابن جرير : أورثهم الإيمان ، فالكتب تأمر باتباع القرآن ، فهم مؤمنون بها عاملون بمقتضاها ، يدل عليه : (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُ) ، ثم أتبعه بقوله : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ) ، فعلمنا أنهم أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ، إذ كان معنى الميراث : انتقال شيء من قوم إلى قوم ، ولم تكن أمة انتقل إليها كتاب من قوم كانوا قبلهم غير أمته. فإذا قلنا : هم الأنبياء وأتباعهم ، كان المعنى : أورثنا كل كتاب أنزل على نبي ، ذلك النبي وأتباعه. والقول الثاني : أن الكتاب هو القرآن ، والمصطفون أمة الرسول ، ومعنى أورثنا ، قال مجاهد : أعطينا ، لأن الميراث عطاء. ثم قسم الوارثين إلى هذه الأقسام الثلاثة ، قال مكي : فقيل هم المذكورون في الواقعة. فالسابق بالخيرات هو المقرب ، والمقتصد أصحاب الميمنة ، والظالم لنفسه أصحاب المشأمة ، وهو قول يروى معناه عن عكرمة والحسن وقتادة ، قالوا : الضمير في منهم عائد على العباد. فالظالم لنفسه الكافر والمنافق ، والمقتصد المؤمن العاصي ، والسابق التقي على الإطلاق ، وقالوا : هو نظير ما في الواقعة. والأكثرون على أن هؤلاء الثلاثة هم في أمة الرسول ، ومن كان من أصحاب المشأمة مكذبا ضالا لا يورث الكتاب ولا اصطفاه الله ، وإنما الذي في الواقعة أصناف الخلق من الأولين والآخرين. قال عثمان بن عفان : سابقنا أهل جهاد ، ومقتصدنا أهل حضرنا ، وظالمنا أهل بدونا ، لا يشهدون جمعة ولا جماعة. وقال معاذ : الظالم لنفسه : الذي مات على كبيرة لم