القدرة ، كأنه يأمر السفن أن تجري. (مِنْ فَضْلِهِ) بالتجارة وبالغوص على اللؤلؤ والمرجان ، واستخراج اللحم الطري. (ما فِي السَّماواتِ) من الشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح والهواء ، والأملاك الموكلة بهذا كله. (وَما فِي الْأَرْضِ) من البهائم والمياه والجبال والنبات. وقرأ الجمهور : (مِنْهُ) ، وابن عباس : بكسر الميم وشد النون ونصب التاء على المصدر. قال أبو حاتم : نسبة هذه القراءة إلى ابن عباس ظلم. وحكاها أبو الفتح ، عن ابن عباس ، وعبد الله بن عمر ، والجحدري ، وعبد الله بن عبيد بن عمير ، وحكاها أيضا عن هؤلاء الأربعة صاحب اللوامح ، وحكاها ابن خالويه ، عن ابن عباس ، وعبيد بن عمير. وقرأ سلمة بن محارب كذلك ، إلا أنه ضم التاء ، أي هو منة ، وعنه أيضا فتح الميم وشد النون ، وهاء الكناية عائد على الله ، وهو فاعل سخر على الإسناد المجازي ، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي ذلك ، أو هو منه. والمعنى ، على قراءة الجمهور : أنه سخر هذه الأشياء كائنة منه وحاصلة عنده ، إذ هو موجدها بقدرته وحكمته ، ثم سخرها لخلقه. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون يعني منه خبر مبتدأ محذوف تقديره : هي جميعا منه ، وأن يكون : وما في الأرض ، مبتدأ ، ومنه خبره. انتهى. ولا يجوز هذان الوجهان إلا على قول الأخفش ، لأن جميعا إذ ذاك حال ، والعامل فيها معنوي ، وهو الجار والمجرور ؛ فهو نظير : زيد قائما في الدار ، ولا يجوز على مذهب الجمهور.
(قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا) : نزلت في صدر الإسلام. أمر المؤمنين أن يتجاوزوا عن الكفار ، وأن لا يعاقبوهم بذنب ، بل يصبرون لهم ، قاله السدّي ومحمد بن كعب ، قيل : وهي محكمة ، والأكثر على أنها منسوخة بآية السيف. يغفروا ، في جزمه أوجه للنحاة ، تقدّمت في : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) (١) في سورة إبراهيم. (لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) : أي وقائعه بأعدائه ونقمته منهم. وقال مجاهد : وقيل أيام إنعامه ونصره وتنعيمه في الجنة وغير ذلك. وقيل : لا يأملون الأوقات التي وقتها الله لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز. قيل : نزلت قبل آية القتال ثم نسخ حكمها. وتقدم قول ابن عباس أنها نزلت في عمر بن الخطاب ؛ قيل : سبه رجل من الكفار ، فهم أن يبطش به ، وقرأ الجمهور : ليجزي الله ، وزيد بن عليّ ، وأبو عبد الرحمن ، والأعمش ، وأبو علية ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي : بالنون ؛ وشيبة ، وأبو جعفر : بخلاف عنه بالياء مبنيا للمفعول. وقد روي ذلك عن عاصم ، وفيه حجة لمن أجاز بناء الفعل للمفعول ، على أن يقام المجرور ، وهو بما ،
__________________
(١) سورة إبراهيم : ١٤ / ٣١.