علي ، وابن عباس : بخلاف عنهما ، وزيد بن علي ، وعكرمة ، وقتادة ، والحسن ، والسلمي ، والأعمش ، وعمرو بن ميمون : أو أثرة بغير ألف ، وهي واحدة ، جمعها أثر ؛ كقترة وقتر ؛ وعلي ، والسلمي ، وقتادة أيضا : بإسكان الثاء ، وهي الفعلة الواحدة مما يؤثر ، أي قد قنعت لكم بخبر واحد وأثر واحد يشهد بصحة قولكم. وعن الكسائي : ضم الهمزة وإسكان الثاء. وقال ابن خالويه ، وقال الكسائي على لغة أخرى : إثرة وأثرة يعني بكسر الهمزة وضمها.
(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ) يعبد الأصنام ، وهي جماد لا قدرة لها على استجابة دعائهم ما دامت الدنيا ، أي لا يستجيبون لهم أبدا ، ولذلك غيا انتفاء استجابتهم بقوله : (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) ، ومع ذلك لا شعور لهم بعبادتهم إياهم ، وهم في الآخرة أعداء لهم ، فليس لهم في الدنيا بهم نفع ، وهم عليهم في الآخرة ضرر ، كما قال تعالى : (سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) (١). وجاء (مَنْ لا يَسْتَجِيبُ) ، لأنهم يسندون إليهم ما يسند لأولي العلم من الاستجابة والغفلة ؛ أو كأن (مَنْ لا يَسْتَجِيبُ) ، يراد به من عبد من دون الله من إنس وجن وغيرهما ، وغلب من يعقل ، وحمل أولا على لفظ من لا يستجيب ، ثم على المعنى في : وهم من ما بعده. والظاهر عود الضمير أولا على لفظ (مَنْ لا يَسْتَجِيبُ) ، ثم على المعنى في : وهم على معنى من في : (مَنْ لا يَسْتَجِيبُ) ، كما فسرناه. وقيل : يعود على معنى من في : (وَمَنْ أَضَلُ) ، أي والكفار عن ضلالهم بأنهم يدعون من لا يستجيب. (غافِلُونَ) : لا يتأملون ما عليهم في دعائهم من هذه صفته.
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ) : جمع بينة ، وهي الحجة الواضحة. واللام في (لِلْحَقِ) ، لام العلة ، أي لأجل الحق. وأتى بالظاهرين بدل المضمرين في (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِ) ، ولم يأت التركيب : قالوا لها ، تنبيها على الوصفين : وصف المتلو عليهم بالكفر ، ووصف المتلو عليهم بالحق ، ولو جاء بهما الوصفين ، لم يكن في ذلك دليل على الوصفين من حيث اللفظ ، وإن كان من سمى الآيات سحرا هو كافر ، والآيات في نفسها حق ، ففي ذكرهما ظاهرين ، يستحيل على القائلين بالكفر ، وعلى المتلو بالحق. وفي قوله : (لَمَّا جاءَهُمْ) تنبيه على أنهم لم يتأملوا ما يتلى عليهم ، بل بادروا أول سماعه إلى نسبته إلى السحر عنادا وظلما ، ووصفوه بمبين ، أي ظاهر ، إنه سحر لا شبهة فيه.
__________________
(١) سورة مريم : ١٩ / ٨٢.