صفات الكفار أهل النار ، وكان عبد الرحمن من أفاضل الصحابة وسراتهم وأبطالهم ، وممن له في الإسلام غناء يوم اليمامة وغيره.
(أُفٍّ لَكُما) : تقدم الكلام على أف مدلولا ولغات وقراءة في سورة الإسراء ، واللام في لكما للبيان ، أي لكما ، أعني : التأفيف. وقرأ الجمهور : (أَتَعِدانِنِي) ، بنونين ، الأولى مكسورة ؛ والحسن ، وعاصم ، وأبو عمرو ، وفي رواية ؛ وهشام : بإدغام نون الرفع في نون الوقاية. وقرأ نافع في رواية ، وجماعة : بنون واحدة. وقرأ الحسن ، وشيبة ، وأبو جعفر : بخلاف عنه ؛ وعبد الوارث ، عن أبي عمرو ، وهارون بن موسى ، عن الجحدري ، وسام ، عن هشام : بفتح النون الأولى ، كأنهم فروا من الكسرتين ، والياء إلى الفتح طلبا للتخفيف ففتحوا ، كما فر من أدغم ومن حذف. وقال أبو حاتم : فتح النون باطل غلط. (أَنْ أُخْرَجَ) : أي أخرج من قبري للبعث والحساب. وقرأ الجمهور : أن أخرج ، مبنيا للمفعول ؛ والحسن ، وابن يعمر ، والأعمش ، وابن مصرف ، والضحاك : مبنيا للفاعل.
(وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي) : أي مضت ، ولم يخرج منهم أحد ولا بعث. وقال أبو سليمان الدمشقي : (وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي) مكذبة بالبعث. (وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ) ، يقال : استغثت الله واستغثت بالله ، والاستعمالان في لسان العرب. وقد رددنا على ابن مالك إنكار تعديته بالباء ، وذكرنا شواهد على ذلك في الأنفال ، أي يقولان : الغياث بالله منك ومن قولك ، وهو استعظام لقوله : (وَيْلَكَ) ، دعاء عليه بالثبور ؛ والمراد به الحث والتحريض على الإيمان لا حقيقة الهلاك. وقيل : ويلك لمن يحقر ويحرك لأمر يستعجل إليه. وقرأ الأعرج ، وعمرو بن فائدة : (إِنَّ وَعْدَ اللهِ) ، بفتح الهمزة ، أي : آمن بأن وعد الله حق ، والجمهور بكسرها ، (فَيَقُولُ ما هذا) : أي ما هذا الذي يقول؟ أي من الوعد بالبعث من القبور ، إلا شيء سطره الأولون في كتبهم ، ولا حقيقة له. قال ابن عطية : وظاهر ألفاظ هذه الآية أنها نزلت في مشار إليه قال وقيل له ، فنفى الله أقواله تحذيرا من الوقوع في مثلها.
وقوله : (أُولئِكَ) ، ظاهره أنه إشارة إلى جنس يتضمنه قوله : (وَالَّذِي قالَ) ، ويحتمل أن تكون الآية في مشار إليه ، ويكون قوله في أولئك بمعنى صنف هذا المذكور وجنسه هم : (الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) أي قول الله أنه يعذبهم (فِي أُمَمٍ) ، أي جملة : (أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) ، يقتضي أن الجن يموتون قرنا بعد قرن كالإنس. وقال الحسن في بعض مجالسه : الجن لا يموتون ، فاعترضه قتادة بهذه الآية فسكت.