أي الهلاك. قال ابن عطية : والمشهور من استعمال العرب أولى لك فقط على جهة الحذف والاختصار ، لما معها من القوة ، فيقول ، على جهة الزجر والتوعد : أولى لك يا فلان. وهذه الآية من هذا الباب. ومنه قوله : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى *) (١). وقول الصديق للحسن رضياللهعنهما : أولى لك انتهى.
والأكثرون على أن : (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) كلام مستقل محذوف منه أحد الجزأين ، إما الخبر وتقديره : أمثل ، وهو قول مجاهد ومذهب سيبويه والخليل ؛ وإما المبتدأ وتقديره : الأمر أو أمرنا طاعة ، أي الأمر المرضي لله طاعة. وقيل : هي حكاية قولهم ، أي قالوا طاعة ، ويشهد له قراءة أبيّ يقولون : (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) ، وقولهم هذا على سبيل الهزء والخديعة. وقال قتادة : الواقف على : (فَأَوْلى لَهُمْ طاعَةٌ) ابتداء وخبر ، والمعنى : أن ذلك منهم على جهة الخديعة. وقيل : طاعة صفة لسورة ، أي فهي طاعة ، أي مطاعة. وهذا القول ليس بشيء لحيلولة الفصل لكثير بين الصفة والموصوف. (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) : أي جد ، والعزم : الجد ، وهو لأصحاب الأمر. واستعير للأمر ، كما قال تعالى : (لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (٢). وقال الشاعر :
قد جدت بهم الحرب فجدوا
والظاهر أن جواب إذا قوله : (فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ) ، كما تقول : إذا كان الشتاء ، فلو جئتني لكسوتك. وقيل : الجواب محذوف تقديره : فإذا عزم الأمر هو أو نحوه ، قاله قتادة. ومن حمل (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) ، على أنهم يقولون ذلك خديعة قدّرناه (عَزَمَ الْأَمْرُ) ، فاقفوا وتقاضوا ، وقدره أبو البقاء فأصدّق ، (فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ) فيما زعموا من حرصهم على الجهاد ، أو في إيمانهم ، وواطأت قلوبهم فيه ألسنتهم ، أو في قلوبهم (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ). (فَهَلْ عَسَيْتُمْ) : التفات للذين في قلوبهم مرض ، أقبل بالخطاب عليهم على سبيل التوبيخ وتوقيفهم على سوء مرتكبهم ، وعسى تقدّم الخلاف في لغتها. وفي القراءة فيها ، إذا اتصل بها ضمير الخطاب في سورة البقرة ، واتصال الضمير بها لغة الحجاز ، وبنو تميم لا يلحقون بها الضمير. وقال أبو عبد الله الرازي : وقد ذكروا أن عسى يتصل بها ضمير الرفع وضمير النصب ، وأنها لا يتصل بها ضمير قال : وأما قول من قال : عسى أنت تقوم ، وعسى أن أقوم ، فدون ما ذكرنا لك تطويل الذي فيه. انتهى. ولا أعلم أحدا من نقله العرب ذكر انفصال الضمير بعد عسى ، وفصل بين عسى وخبرها بالشرط ، وهو أن توليتم.
__________________
(١) سورة القيامة : ٧٥ / ٣٤.
(٢) سورة الشورى : ٤٢ / ٤٣.