وتقدم الكلام في الحروف المقطعة في أول البقرة ، قال ابن جبير هنا : إنه اسم من أسماء محمد صلىاللهعليهوسلم ، ودليله (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ). قال السيد الحموي :
يا نفس لا تمحضي بالود جاهدة |
|
على المودة إلا آل ياسينا |
وقال ابن عباس : معناه يا إنسان بالحبشية ، وعنه هو في لغة طيء ، وذلك أنهم يقولون إيسان بمعنى إنسان ، ويجمعونه على أياسين ، فهذا منه. وقالت فرقة : يا حرف نداء ، والسين مقامة مقام إنسان انتزع منه حرف فأقيم مقامه. وقال الزمخشري : إن صح أن معناه يا إنسان في لغة طيء ، فوجهه أن يكون أصله يا أنيسين ، فكثر النداء على ألسنتهم حتى اقتصروا على شطره ، كما قالوا في القسم : م الله في أيمن الله. انتهى. والذي نقل عن العرب في تصغيرهم إنسان أنيسيان بياء بعدها ألف ، فدل على أن أصله أنيسان ، لأن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها ، ولا نعلمهم قالوا في تصغيره أنيسين ، وعلى تقدير أنه بقية أنيسين ، فلا يجوز ذلك ، لا أن يبنى على الضم ، ولا يبقى موقوفا ، لأنه منادى مقبل عليه ، مع ذلك فلا يجوز لأنه تحقير ، ويمتنع ذلك في حق النبوة. وقوله : كما قالوا في القسم م الله في أيمن الله ، هذا قول. ومن النحويين من يقول : إن م حرف قسم وليس مبقى من أيمن. وقرىء : بفتح الياء وإمالتها محضا ، وبين اللفظين. وقرأ الجمهور : بسكون النون مدغمة في الواو ؛ ومن السبعة : الكسائي ، وأبو بكر ، وورش ، وابن عامر : مظهرة عند باقي السبعة. وقرأ ابن أبي إسحاق ، وعيسى : بفتح النون. وقال قتادة : يس قسم. قال أبو حاتم : فقياس هذا القول فتح النون ، كما تقول : الله لأفعلن كذا. وقال الزجاج : النصب ، كأنه قال : اتل يس ، وهذا على مذهب سيبويه أنه اسم للسورة. وقرأ الكلبي : بضم النون ، وقال هي بلغة طيء : يا إنسان. وقرأ السماك ، وابن أبي إسحاق أيضا : بكسرها ؛ قيل : والحركة لالتقاء الساكنين ، فالفتح كائن طلبا للتخفيف والضم كحيث ، والكسر على أصل التقائهما. وإذا قيل أنه قسم ، فيجوز أن يكون معربا بالنصب على ما قال أبو حاتم ، والرفع على الابتداء نحو : أمانة الله لأقومن ، والجر على إضمار حرف الجر ، وهو جائز عند الكوفيين. والحكيم : إما فعيل بمعنى مفعل ، كما تقول : عقدت العسل فهو عقيد : أي معقد ، وإما للمبالغة من حاكم ، وإما على معنى السبب ، أي ذي حكمة. (عَلى صِراطٍ) : خبر ثان ، أو في موضع الحال منه عليهالسلام ، أو من المرسلين ، أو متعلق بالمرسلين. والصراط المستقيم : شريعة الإسلام.
وقرأ طلحة ، والأشهب ، وعيسى : بخلاف عنهما ؛ وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي :