يا رسول المليك إن لساني |
|
راتق ما فتقت إذ أنا بور |
والمؤنث ، حكى أبو عبيدة : امرأة بور ، والمثنى والمجموع. وقيل : يجوز أن يكون جمع بائر ، كحائل ، وحول هذا في المعتل ، وباذل وبذل في الصحيح ، وفسر بورا : بفاسدين هلكى. وقال ابن بحر : أشرار. واحتمل وكنتم ، أي يكون المعنى : وصرتم بذلك الظن ، وأن يكون وكنتم على بابها ، أي وكنتم في الأصل قوما فاسدين ، أي الهلاك سابق لكم على ذلك الظن. ولما أخبر تعالى أنهم قوم بور ، ذكر ما يدل على أنهم ليسوا بمؤمنين فقال : (وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ) ، فهو كافر جزاؤه السعير. ولما كانوا ليسوا مجاهدين بالكفر ، ولذلك اعتذروا وطلبوا الاستغفار ، مزج وعيدهم وتوبيخهم ببعض الإمهال والترجئة. وقال الزمخشري : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، يدبره تدبير قادر حكيم ، فيغفر ويعذب بمشيئته ، ومشيئته تابعة لحكمته ، وحكمته المغفرة للتائب وتعذيب المصر. (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) ، رحمته سابقة لرحمته ، حيث يكفر السيئات باجتناب الكبائر بالتوبة. انتهى. وهو على مذهب الاعتزال.
(سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ) : روي أن الله تعالى أمر نبيه صلىاللهعليهوسلم يغزو خيبر ، ووعده بفتحها ، وأعلمه أن المخلفين إذا رأوا مسيره إلى خيبر ، وهم عدو مستضعف ، طلبوا الكون معه رغبة في عرض الدنيا من الغنيمة ، وكان كذلك. (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ) : معناه أن يغيروا وعده لأهل الحديبية بغنيمة خيبر ، وذلك أنه وعدهم أن يعوضهم من مغانم مكة خيبر ، إذا قفلوا موادعين لا يصيبون منها شيئا ، قاله مجاهد وقتادة ، وعليه عامة أهل التأويل. وقال ابن زيد : (كَلامَ اللهِ) : قوله تعالى : (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا) (١) ، وهذا لا يصح ، لأن هذه الآية نزلت مرجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم من تبوك في آخر عمره. وهذه السورة نزلت عام الحديبية ، وأيضا فقد غزت مزينة وجهينة بعد هذه المدة معه عليه الصلاة والسلام ، وفضلهم بعد على تميم وغطفان وغيرهم من العرب. وقرأ الجمهور : كلام الله ، بألف ؛ والإخوان : كلم الله ، جمع كلمة ، وأمره تعالى أن يقول لهم : (لَنْ تَتَّبِعُونا) ، وأتى بصيغة لن ، وهي للمبالغة في النفي ، أي لا يتم لكم ذلك ، إذ قد وعد تعالى أن ذلك لا يحضرها إلا أهل الحديبية فقط. (كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ) : يريد وعده قبل اختصاصهم بها. (بَلْ تَحْسُدُونَنا) : أي يعز عليكم أن نصيب مغنما معكم ، وذلك على سبيل الحسد أن نقاسمكم فيما تغنمون. وقرأ أبو حيوة : بكسر السين ، ثم رد عليهم تعالى
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ٨٣.