بالفتح القريب. والسكينة تقرير قلوبهم وتذليلها لقبول أمر الله تعالى ، وعلى الأقوال السابقة قيل هذا القول ، لا يظهر احتياج إلى إنزال السكينة إلا أن يجازي بالسكينة والفتح القريب والمغانم. وقال مقاتل : فعلم ما في قلوبهم من كراهة البيعة على أن يقاتلوا معه على الموت ، (فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ) حتى بايعوا. قال ابن عطية : وهذا فيه مذمة للصحابة ، رضي الله تعالى عنهم. انتهى.
(وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) قال قتادة ، وابن أبي ليلى : فتح خيبر ، وكان عقب انصرافهم من مكة. وقال الحسن : فتح هجر ، وهو أجل فتح اتسعوا بثمرها زمنا طويلا. وقيل : فتح مكة والقرب أمر نسبي ، لكن فتح خيبر كان أقرب. وقرأ الحسن ، ونوح القارئ : وآتاهم ، أي أعطاهم ؛ والجمهور : وأثابهم من الثواب. (وَمَغانِمَ كَثِيرَةً) : أي مغانم خيبر ، وكانت أرضا ذات عقار وأموال ، فقسمها عليهم. وقيل : مغانم هجر. وقيل : مغانم فارس والروم. وقرأ الجمهور : يأخذونها بالياء على الغيبة في وأثابهم ، وما قبله من ضمير الغيبة. وقرأ الأعمش ، وطلحة ، ورويس عن يعقوب ، ودلبة عن يونس عن ورش ، وأبو دحية ، وسقلاب عن نافع ، والأنطاكي عن أبي جعفر : بالتاء على الخطاب. كما جاء بعد (وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً) بالخطاب. وهذه المغانم الموعود بها هي المغانم التي كانت بعد هذه ، وتكون إلى يوم القيامة ، قاله ابن عباس ومجاهد وجمهور المفسرين.
ولقد اتسع نطاق الإسلام ، وفتح المسلمون فتوحا لا تحصى ، وغنموا مغانم لا تعد ، وذلك في شرق البلاد وغربها ، حتى في بلاد الهند ، وفي بلاد السودان في عصرنا هذا. وقدم علينا حاجا أحد ملوك غانة من بلاد التكرور ، وذكر عنه أنه استفتح أزيد من خمسة وعشرين مملكة من بلاد السودان ، وأسلموا ، وقدم علينا ببعض ملوكهم يحج معه. وقيل : الخطاب لأهل البيعة ، وأنهم سيغنمون مغانم كثيرة. وقال زيد بن أسلم وابنه : المغانم الكثيرة مغانم خيبر ؛ (فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ) : الإشارة بهذه إلى البيعة والتخلص من أمر قريش بالصلح ، قاله ابن عباس وزيد بن أسلم وابنه. وقال مجاهد : مغانم خيبر.
(وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ) : أي أهل مكة بالصلح. وقال ابن عباس عيينة بن حصن الفزاري ، وعوف بن مالك النضري ، ومن كان معهم : إذ جاءوا لينصروا أهل خيبر ، والرسول عليه الصلاة والسلام محاصر لهم ، فجعل الله في قلوبهم الرعب وكفهم عن المسلمين. وقال ابن عباس أيضا : أسد وغطفان حلفاء خيبر. وقال الطبري : كف اليهود عن المدينة بعد خروج الرسول صلىاللهعليهوسلم إلى الحديبية وإلى خيبر. (وَلِتَكُونَ) : أي هذه الكفة