ولا من زيد ، وهو قدر المعطوف بالذي ، وهو معرفة ، فلا يعطف على النكرة المجرورة بمن الزائدة. وقال أبو البقاء : ويجوز أن تكون ما زائدة ، أي وقد كنا منزلين ، وقوله ليس بشيء.
وقرأ : (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً) ، بنصب الصيحة ، وكان ناقصة واسمها مضمر ، أي إن كانت الأخذة أو العقوبة. وقرأ أبو جعفر ، وشيبة ، ومعاذ بن الحارث القارئ : صيحة بالرفع في الموضعين على أن كانت تامة ، أي ما خدثت أو وقعت إلا صيحة ، وكان الأصل أن لا يلحق التاء ، لأنه إذا كان الفعل مسندا إلى ما بعد إلا من المؤنث ، لم تلحق العلامة للتأنيث فيقول : ما قام إلا هند ، ولا يجوز : ما قامت إلا هند ، عند أصحابنا إلا في الشعر ، وجوزه بعضهم في الكلام على قلة. ومثله قراءة الحسن ، ومالك بن دينار ، وأبي رجاء ، والجحدري ، وقتادة ، وأبي حيوة ، وابن أبي عبلة ، وأبي بحرية : لا ترى إلا مساكنهم بالتاء ، والقراءة المشهورة بالياء ، وقول ذي الرمة :
وما بقيت إلا الضلوع الجراشع
وقول الآخر :
ما برئت من ريبة وذمّ |
|
في حربنا إلا بنات العمّ |
فأنكر أبو حاتم وكثير من النحويين هذه القراءة بسبب لحوق تاء التأنيث. (فَإِذا هُمْ خامِدُونَ) : أي فاجأهم الخمود إثر الصيحة ، لم يتأخر. وكنى بالخمود عن سكوتهم بعد حياتهم ، كنار خمدت بعد توقدها. ونداء الحسرة على معنى هذا وقت حضورك وظهورك ، هذا تقدير نداء ، مثل هذا عند سيبويه ، وهو منادى منكور على قراءة الجمهور. وقرأ أبيّ ، وابن عباس ، وعلي بن الحسين ، والضحاك ، ومجاهد ، والحسن : يا حسرة العباد ، على الإضافة ، فيجوز أن تكون الحسرة منهم على ما فاتهم ، ويجوز أن تكون الحسرة من غيرهم عليهم ، لما فاتهم من اتباع الرسل حين أحضروا للعذاب ؛ وطباع البشر تتأثر عند معاينة عذاب غيرهم وتتحسر عليهم.
وقرأ أبو الزناد ، وعبد الله بن ذكوان المدني ، وابن هرمز ، وابن جندب : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) ، بسكون الهاء في الحالين حمل فيه الوصل على الوقف ، ووقفوا على الهاء مبالغة في التحسر ، لما في الهاء من التأهه كالتأوّه ، ثم وصلوا على تلك الحال ، قاله صاحب اللوامح. وقال ابن خالويه : يا حسرة على العباد بغير تنوين ، قاله ابن عباس ، انتهى ، ووجهه أنه اجتزأ بالفتحة عن الألف التي هي بدل من ياء المتكلم في النداء ، كما