كل ما يدعون ، وإذا كان عموما ، لم يكن سلام بدلا منه. وقيل : سلام خبر لما يدعون ، وما يدعون مبتدأ ، أي ولهم ما يدعون سلام خالص لا شرب فيه ، وقولا مصدر مؤكد ، كقوله : (وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ سَلامٌ) : أي عدة من رحيم. قال الزمخشري : والأوجه أن ينتصب على الاختصاص ، وهو من مجازه. انتهى. ويكون لهم متعلقا على هذا الإعراب بسلام. وقرأ محمد بن كعب القرظي : سلم ، بكسر السين وسكون اللام ، ومعناه سلام. وقال أبو الفضل الرازي : مسالم لهم ، أي ذلك مسالم. وقرأ أبيّ ، وعبد الله ، وعيسى ، والقنوي : سلاما ، بالنصب على المصدر. وقال الزمخشري : نصب على الحال ، أي لهم مرادهم خالصا.
(وَامْتازُوا الْيَوْمَ) : أي انفردوا عن المؤمنين ، لأن المحشر جمع البر والفاجر ، فأمر المجرمون بأن يكونوا على حدة من المؤمنين. والظاهر أن ثم قولا محذوفا لما ذكر تعالى ما يقال للمؤمنين في قوله : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) ، قيل : ويقال للمجرمين : (امْتازُوا). ولما امتثلوا ما أمروا به ، قال لهم على جهة التوبيخ والتقريع : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ)؟ وقفهم على عهده إليهم ومخالفتهم إياه. وعن الضحاك : لكل كافر بيت من النار يكون فيه لا يرى ولا يرى ، فعلى هذا معناه أن بعضهم من بعض. وعن قتادة : اعتزلوا عن كل خير. والعهد : الوصية ، عهد إليه إذا وصاه. وعهد الله إليهم : ما ركز فيهم من أدلة العقل ، وأنزل إليهم من أدلة السمع. وعبادة الشيطان : طاعته فيما يغويه ويزينه. وقرأ الجمهور : أعهد ، بفتح الهمزة والهاء. وقرأ طلحة ، والهذيل بن شرحبيل الكوفي : بكسر الهمزة ، قاله صاحب اللوامح ، وقال لغة تميم ، وهذا الكسر في النون والتاء أكثر من بين حروف المضارعة ، يعني : نعهد وتعهد. وقال ابن خالويه : ألم أعهد ؛ يحيى بن وثاب : ألم أحد ، لغة تميم. وقال ابن عطية : وقرأ الهذيل بن وثاب : ألم أعهد ، بكسر الميم والهمزة وفتح الهاء ، وهي على لغة من كسر أول المضارع سوى الياء. وروي عن ابن وثاب : ألم أعهد ، بكسر الهاء ، يقال : عهد يعهد. انتهى. وقوله : بكسر الميم والهمزة يعني أن كسر الميم يدل على كسر الهمزة ، لأن الحركة التي في الميم هي حركة نقل الهمزة المكسورة ، وحذفت الهمزة حين نقلت حركتها إلى الساكن قبلها وهو الميم. اعهد بالهمزة المقطوعة المكسورة لفظا ، لأن هذا لا يجوز. وقال الزمخشري : وقرىء أعهد بكسر الهمزة ، وباب فعل كله يجوز في حروف مضارعته الكسر إلا في الياء ؛ وأعهد بكسر الهاء. وقد جوز الزجاج أن يكون من باب نعم ينعم ، وضرب يضرب ، وأحهد بالحاء وأحد ، وهي لغة