والشتاء ومغربيهما. وقال ابن عطية : أراد تعالى مشارق الشمس ومغاربها ، وهي مائة وثمانون في السنة ، فيما يزعمون ، من أطول أيام السنة إلى أقصرها.
ثم أخبر تعالى عن قدرته بتزيين السماء بالكواكب ، وانتظام التزيين أن جعلها حفظا وحذرا من الشيطان. انتهى. والزينة مصدر كالسنة ، واسم لما يزان به الشيء ، كالليقة اسم لما يلاق به الدواة. وقرأ الجمهور : (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) بالإضافة ، فاحتمل المصدر مضافا للفاعل ، أي بأن زانت السماء الكواكب ، ومضافا للمفعول ، أي بأن زين الله الكواكب. واحتمل أن يكون ما يزان به ، والكواكب بيان للزينة ، لأن الزينة مبهمة في الكواكب وغيرها مما يزان به ، أو مما زينت الكواكب من إضاءتها وثبوتها. وقرأ ابن مسعود ، ومسروق : بخلاف عنه ؛ وأبو زرعة ، وابن وثاب ، وطلحة : بزينة منونا ، الكواكب بالخفض بدلا من زينة. وقرأ ابن وثاب ، ومسروق : بخلاف عنهما ؛ والأعمش ، وطلحة ، وأبو بكر : بزينة منونا ، الكواكب نصبا ، فاحتمل أن يكون بزينة مصدرا ، والكواكب مفعول به ، كقوله : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً) (١). واحتمل أن يكون الكواكب بدلا من السماء ، أي زينا كواكب السماء. وقرأ زيد بن علي بتنوين زينة ، ورفع الكواكب على خبر مبتدأ ، أي هو الكواكب ، أو على الفاعلية بالمصدر ، أي بأن زينت الكواكب. ورفع الفاعل بالمصدر المنون ، زعم الفراء أنه ليس بمسموع ، وأجاز البصريون ذلك على قلة. وقال ابن عباس : (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) : بضوء الكواكب ؛ قيل : ويجوز أن يراد أشكالها المختلفة ، كشكل الثريا ، وبنات نعش ، والجوزاء ، وغير ذلك ، ومطالعها ومسايرها. وخص (السَّماءَ الدُّنْيا) بالذكر ، لأنها التي تشاهد بالأبصار ؛ والحفظ من الشياطين ، إنما هو فيها وحدها. وانتصب (وَحِفْظاً) على المصدر ، أي وحفظناها حفظا ، أو على المفعول من أجله على زيادة الواو ، أو على تأخير العامل ، أي ولحفظها زيناها بالكواكب ، وحملا على معنى ما تقدم ، لأن المعنى : إنا خلقنا الكواكب زينة للسماء وحفظا : وكل هذه الأقوال منقولة ، والمارد تقدم شرحه في قوله : (شَيْطاناً مَرِيداً) (٢) في النساء ، وهناك جاء (مَرِيداً) ، وهنا (مارِدٍ) ، مراعاة للفواصل.
(لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) : كلام منقطع مبتدأ اقتصاصا لما عليه حال المسترقة للسمع ، وأنهم لا يقدرون أن يستمعوا أو يسمعوا ، وهم مقذوفون بالشهب مبعدون
__________________
(١) سورة البلد : ٩٠ / ١٤.
(٢) سورة النساء : ٤ / ١١٧.