جاء منها أجرام عظام. وقال ابن عباس أيضا : الجمالات : قطع النحاس الكبار ، وكان اشتقاق هذه من اسم الجملة. وقرأ الحسن : صفر ، بضم الفاء ؛ والجمهور : بإسكانها ، شبه الشرر أولا بالقصر ، وهو الحصن من جهة العظم ومن جهة الطول في الهواء ؛ وثانيا بالجمال لبيان التشبيه. ألا تراهم يشبهون الإبل بالأفدان ، وهي القصور؟ قال الشاعر :
فوقفت فيها ناقتي فكأنها |
|
فدن لأقصى حاجة المتلوم |
ومن قرأ بضم الجيم ، فالتشبيه من جهة العظم والطول. والصفرة الفاقعة أشبه بلون الشرر ، قاله الجمهور : وقيل : صفر سود ، وقيل : سود تضرب إلى الصفرة. وقال عمران بن حطان الرقاشي :
دعتهم بأعلى صوتها ورمتهم |
|
بمثل الجمال الصفر نزاعة الشوى |
وقرأ الأعمش والأعرج وزيد بن علي وعيسى وأبو حيوة وعاصم في رواية : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) ، بفتح الميم ؛ والجمهور : برفعها. قال ابن عطية : لما أضاف إلى غير متمكن بناه فهي فتحة بناء ، وهي في موضع رفع. وقال صاحب اللوامح : قال عيسى : هي لغة سفلى مضر ، يعني بناءهم يوم مع لا على الفتح ، لأنهم جعلوا يوم مع لا كالاسم الواحد ، فهو في موضع رفع لأنه خبر المبتدأ. انتهى. والجملة المصدرة بمضارع مثبت أو منفي لا يجيز البصريون في الظرف المضاف إليها البناء بوجه ، وإنما هذا مذهب كوفي. قال صاحب اللوامح : ويجوز أن يكون نصبا صحيحا على الظرف ، فيصير هذا إشارة إلى ما تقدمه من الكلام دون إشارة إلى يوم ، ويكون العامل في نصب يوم نداء تقدمه من صفة جهنم ، ورميها بالشرر في يوم لا ينطقون ، فيكون يومئذ كلام معترض لا يمنع من تفريغ العامل للمعمول ، كما كانت (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ، ذَواتا أَفْنانٍ) (١). انتهى. وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون ظرفا ، وتكون الإشارة بهذا إلى رميها بشرر. وقال الزمخشري : ونصبه الأعمش ، أي هذا الذي قص عليكم واقع يومئذ ، وهنا نفي نطقهم. وقد أخبر الله تعالى عنهم أنهم نطقوا في مواضع من هذا اليوم ، وذلك باعتبار طول اليوم ، فيصح أن ينفي القول فيه في وقت ويثبت في وقت ، أو نفي نطقهم بحجة تنفع وجعل نطقهم بما لا ينفع كلا نطق.
__________________
(١) سورة الرحمن : ٥٥ / ٤٧ ـ ٤٨.