عليهالسلام ، رؤية ثانية بالمدينة ، وليست هذه. ووصف الأفق بالمبين لأنه روي أنه كان في المشرق من حيث تطلع الشمس ، قاله قتادة وسفيان. وأيضا فكل أفق في غاية البيان. وقيل : في أفق السماء الغربي ، حكاه ابن شجرة. وقال مجاهد : رآه نحو جياد ، وهو مشرق مكة. وقرأ عبد الله وابن عباس وزيد بن ثابت وابن عمر وابن الزبير وعائشة وعمر بن عبد العزيز وابن جبير وعروة وهشام بن جندب ومجاهد وغيرهم ، ومن السبعة النحويان وابن كثير : بظنين بالظاء ، أي بمتهم ، وهذا نظير الوصف السابق بأمين. وقيل : معناه بضعيف القوة على التبليغ من قولهم : بئر ظنون إذا كانت قليلة الماء ، وكذا هو بالظاء في مصحف عبد الله. وقرأ عثمان وابن عباس أيضا والحسن وأبو رجاء والأعرج وأبو جعفر وشيبة وجماعة غيرهم وباقي السبعة : بالضاد ، أي ببخيل يشح به لا يبلغ ما قيل له ويبخل ، كما يفعل الكاهن حتى يعطى حلوانه. قال الطبري : وبالضاد خطوط المصاحف كلها.
(وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ) : أي الذي يتراءى له إنما هو ملك لا مثل الذي يتراءى للكهان. (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) : استضلال لهم ، حيث نسبوه مرة إلى الجنون ، ومرة إلى الكهانة ، ومرة إلى غير ذلك مما هو بريء منه. وقال الزمخشري : كما يقال لتارك الجادة اعتسافا أو ذهابا في بنيات الطريق : أي تذهب؟ مثلت حالهم بحاله في تركهم الحق وعدولهم عنه إلى الباطل. انتهى. (ذِكْرٌ) : تذكرة وعظة ، (لِمَنْ شاءَ) : بدل من (لِلْعالَمِينَ) ، ثم عذق مشيئة العبيد بمشيئة الله تعالى. قال ابن عطية : ثم خصص تعالى من شاء الاستقامة بالذكر تشريفا وتنبيها وذكرا لتلبسهم بأفعال الاستقامة. ثم بين تعالى أن تكسب العبد على العموم في استقامة وغيرها إنما يكون مع خلق الله تعالى واختراعه الإيمان في صدر المرء. انتهى. وقال الزمخشري : وإنما أبدلوا منهم لأن الذين شاءوا الاستقامة بالدخول في الإسلام هم المنتفعون بالذكر ، فكأنه لم يوعظ به غيرهم ، وإن كانوا موعوظين جميعا. (وَما تَشاؤُنَ) الاستقامة يا من يشاؤها إلا بتوفيق الله تعالى ولطفه ، أو ما تشاءونها أنتم يا من لا يشاؤها إلا بقسر الله وإلجائه. انتهى. ففسر كل من ابن عطية والزمخشري المشيئة على مذهبه. وقال الحسن : ما شاءت العرب الإسلام حتى شاء الله لها.